فقد كان من الواجب على الصديق أن يكون مثالا بارعا في الصدق والتي من مصاديقها الصدق في المواطن وقد كان يلتمس الراحة في العريش ، متترسا بالرسول ( ص ) ، ويتركه وحيدا في الميدان وينجو بالجلد عند استفحال الخطب . ولا داعي لكي أقارن بين موقفه وموقف الإمام علي ( ع ) في هذا المجال لأن ذلك مما سارت به الركبان وتغنت به الشعراء . ولو كان الإسلام متوقفا على شجاعة الصديق إذن لما بقيت له باقية وهو ما يضرب عرض الحائط بقولتهم ، إن رسول الله ( ص ) قال : " لولا أبو بكر الصديق لذهب الإسلام " كما في " نور الأبصار " للشلنجي . 2 / الشك في أمر الرسول ( ص ) . الإيمان بالرسول ( ص ) هو الاعتقاد بمرسوليته ، والانقياد لأوامره على أساس إنها أحكام تكليفية . . والتصديق هو الاستجابة لأمر الرسول ( ص ) وعدم التردد في قبول قوله وعندنا في السيرة ما يدمي القلوب ، ويقصم الظهور وهو ما يعرف بحادثة ذي الثديية ، فقد جاء عن أنس بن مالك قال : كان في عهد رسول الله ( ص ) رجل يعجبنا تعبده واجتهاده وقد ذكرنا ذلك لرسول الله ( ص ) باسمه فلم يعرفه فوصفناه بصفته فلم يعرفه فبينا نحن نذكره إذ طلع الرجل قلنا هوذا قال : إنكم لتخبروني عن رجل إن في وجهه لسفعة من الشيطان . فأقبل حتى وقفت عليهم ولم يسلم فقال له رسول الله ( ص ) أنشدك الله هل قلت حين وقفت على المجلس : ما في القوم أحد أفضل مني أو خير مني ؟ قال : اللهم نعم ، ثم دخل يصلي فقال رسول الله : من يقتل الرجل ؟ فقال أبو بكر أنا ، فدخل عليه فوجده يصلي فقال : سبحان الله أقتل رجلا يصلي ، وقد نهى رسول الله عن قتل المصلين ، فخرج ، فقال رسول الله ( ص ) ما فعلت ؟ قال : كرهت أن أقتله وهو يصلي وأنت قد نهيت عن قتل المصلين ، قال : من يقتل الرجل ؟ ( حتى قال ) لو قتل ما اختلف من أمتي رجلان كان أولهم وآخرهم [5] " .