في هذه الرواية ، كلام عن رجل مجهول ، شرب الخمر فراح يرثي قتلى بدر من الكفار والمشركين . وفي إخفاء اسم هذا الرجل تكمن دلالة كبيرة ، هي أن ثمة محاولات عدة لإخفاء فضائح الشيخين والكثير ممن حسبوهم من الصحابة ، وتدل قرينة الحال على أن أبا بكر هو ذلك الرجل المجهول ، على طريقة الطبري الذي أخفى أكثر من مرة أسماء هم على غرار حديث الدار . وسوف نعرض لبعض من تلك الروايات التي ذكر اسمه فيها ليكون حكمنا على علم ويقين . لقد جاء في رواية البزاز عن أنس بن مالك قال : كنت ساقي القوم تينا وزبيبا خلطناهما جميعا وكان في القوم رجل يقال له : أبو بكر فلما شرب قال : أحيي أم بكر بالسلام * وهل لك بعد قومك من سلام ؟ يحدثنا الرسول بأن سحتا * وكيف حياة أصل أو هشام [3] وهذا خلاف لما ادعاه البعض ، من أنه حرم الخمر على نفسه في الجاهلية والإسلام . لقد أردت من هذا كله ، إيجاد مفتاح لفهم حقيقة شخصية أبي بكر قبل الولوج في زعزعة الصورة الأسطورية التي أهدتها إياه أقلام المحرفين . ذلك لما يمثله الادمان على الخمر في النفوس . فلقد كانت هذه من أقبح سلوكيات البشر على مر السنين وأخسها ، وقد ذم الخمر حتى في أساطير الأولين ، وكانت تمثل رمزا للانحطاط والخسة والمهانة . ثم ماذا عن تلك الأسس التي أقام صرحها المؤرخون والأدباء في حق أبي بكر وعلى رأسهم صاحب عبقرية الصديق ؟ . كان أهم مفتاح من مفاتيح العبقرية البكرية ، هو الصدق . . ومن ذلك سماها العقاد - عبقرية الصديق - فلنلق نظرة سريعة عن واقع هذا المفتاح للوقوف على مصداقيته .