وقد سبق وأن قال قبلها : " إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل [22] " . كيف يكون الرسول يتمنى لو يكون أبو بكر خليلا له ، وهو يبرأ من ذلك قبل موته بخمسة أيام . كان ذلك من وضع البكرية لقاء ما ذكر من أحاديث في فضل علي ( ع ) وأخوته التي شهدت بها الأخبار عندما قال له الرسول ( ص ) " أنت ، أخي وأنا أخوك " [23] في حادثة الإخاء الشهيرة . ولعل ذلك كان واضحا لابن خلدون . وهو من لم يذكر ما جرى بين رسول الله ( ص ) وعلي بن أبي طالب ( ع ) من إيحاء . بعد أن ذكر حادثة الإخاء كلها . وبعد ذلك كله يحسن أن نذكر ابن خلدون بهذا السؤال : كيف يجري الحديث معه في تلك اللحظة التي لم يكن الرسول ( ص ) يطيق فيها رؤيتهم ، بعد أن تخلفوا عن جيش أسامة ولعنوا بالتخلف عنه . فتأمل مليا يرحمك الله ! . أما بالنسبة لحديث : " سد الأبواب " فهذا مما روي في فضائل علي ( ع ) فتم تحريفه من قبل جماعة البكرية . وراج في زمن بني أمية . وقد كانت تلك فضيلة لعلي ( ع ) قبل وفاة الرسول ( ص ) وتعارف عليها الصحابة منذ ذاك العهد . وقد جاء ابن خلدون بهذا الخبر على شذوذه ، انتصارا للبكرية وتهميشا لعلي ( ع ) . وحديث سد الأبواب مما اشتهر عند المحدثين في شأن علي ( ع ) وقد روي كالتالي : إن النبي ( ص ) أمر بسد الأبواب إلا باب علي ( ع ) فتكلم الناس ، فخطب رسول الله ( ص ) فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ، فإني أمرت بسد هذه الأبواب غير باب علي ، فقال فيه قائلكم ، والله ما سددت شيئا ولا فتحته وإنما أمرت بشئ فاتبعته [24] .
[22] رواه مسلم عن جناب وكذا صاحب فتح الباري . [23] أخرجه أحمد في المسند . [24] رواه أحمد في طرق عدة والنسائي والحاكم والترمذي وصاحب الدر المنثور وابن حجر في الصواعق المحرقة وابن الأثير في أسد الغابة .