نام کتاب : الخطط السياسية لتوحيد الأمة الإسلامية نویسنده : أحمد حسين يعقوب جلد : 1 صفحه : 145
وحيث أن هذا الغالب هو القابض فعليا على مقاليد الأمور ، فإنه يصبح الآمر والناهي ، ويصبح هو الإمام بحكم الواقع والغلبة لا بحكم الشرع . ومع الأيام والتكرار ينبذ الإمام الشرعي بعد أن تعذر عليه ممارسة وظائف الإمامة ، لأنه أصبح وحيدا ومجردا من السلطات الواقعية ، والإمكانيات التي تمكنه من ممارسة دوره كإمام شرعي ، وحيث أن الأمة وقفت مع غيره ، وحيث أن هذا الغير هو الغالب ، يتحجم دور الإمام الشرعي وينبذ ، باعتباره عدو الغالب ، ومنافسه ، وطريد السلطة ، وتتحول هذه الآلية إلى سنة فعلية ، تدعهما القوة والغلبة . وتتحول الأمة إلى مجرد مطية يركبها أي غالب ، وتندحر الشرعية ، والمشروعية تماما ، فتسود مقولة عبد الله بن عمر بن الخطاب ( نحن مع من غلب ) تلك المقولة التي تحولت إلى نص ، كأنه منزل من عند الله ! راجع الأحكام السلطانية لأبي يعلى صفحة 6 - 15 ، وراجع صفحة 424 من الإرشاد في الكلام لإمام الحرمين عبد الملك بن عبد الله الجويني . وبعد أن تستتب الأمور لهذا الغالب يقلد النبي ، فيعهد إلى أي شخص يريده ، وتستمر ولاية العهد بهذه الطريقة حتى يبرز من بين صفوف الأمة غالب جديد ، فيغلب الخليفة القائم ، ويستولي على الملك لنفسه ، أو لأسرته ، ويبدأ بسلسلة ولاية العهد ، حتى يتقدم الصفوف غالب جديد ! والأمة رغبة أو رهبة ملزمة بمبايعة كل غالب ، وهكذا دواليك طوال التاريخ السياسي الإسلامي ! وإذا تجرأ الإمام الشرعي بمثل هذه الظروف أن يذكر الأمة بالشرعية ، وبحقه الشرعي بالإمامة ، قيل : إنه طالب إمارة ، وطالب الإمارة لا يؤمر ، وقيل : إنه يريد أن يفرق الأمة بعد اجتماعها ، وأن يشق عصا الطاعة ، ويفرق الجماعة ، ويبغي الفتنة . ووسائل إعلام الدولة تدق طبولها بالعشي والإبكار ، وترسخ الواقع وتباعد بين الأمة وبين الشرعية السياسية الحقيقية . ولقد عالجنا هذا الموضوع في كتابنا ( النظام السياسي في الإسلام ) بإيجاز يكفي للإحاطة بهذا التوجه ، فليرجع إليه من شاء الوقوف على بعض التفاصيل . وعندما يطول العهد وتتكون معالم السنة الفعلية التي رسمها الغالب ، يتصور
145
نام کتاب : الخطط السياسية لتوحيد الأمة الإسلامية نویسنده : أحمد حسين يعقوب جلد : 1 صفحه : 145