د - يقول الرازي أيضاً : إن الإدراك لا يساوق الرؤية بل هو اللحوق والإحاطة ( قال أصحاب موسى إنا لمدركون ) ( حتى إذا أدركه الغرق ) . وليس مجرد العلم أو الرؤية . ولا شك أن الإحاطة بالله نقص فيكون النفي مدحاً والرؤية التي نثبتها ليست إحاطة . والرد عليه ، أنا نسلم أن الإدراك بمعنى اللحوق والبلوغ ونمتنع أن يكون بمعنى الإحاطة ، ولا ترادف ولا ملازمة بينهما . فالإدراك مفهوم عام ضمن معنى ( اللحوق - والبلوغ ) ولا يتحدد إلا بمتعلقه فإذا قيل ، أدركته ببصري أي أن البصر لحق بالمرئي ورآه ، وكذا العقل والأذن وكل حاسة يحسبها ، كما يستخدم الإدراك بمفهومه العام كقوله ( إنا لمدركون ) بمعنى ملحوقون . أما الزعم أن اللحاق يقتضي الإحاطة ، فدعوى لا يعرف لها وجه كما أن الرؤية هي إحاطة سواء وقعت على الجزء أو الكل ، وما يرى بعضه يرى كله بتعدد اللحاظ والزوايا . والخلاصة : أن الآية الشريفة محكمة الدلالة على منع الرؤية ، وفي نسق حكم العقل الواضح ، وما هذه الإشكالات إلا لإثارة التشكيك وأغلبها يمكن وصفه ( بالمهزلة ) . وقبل أن نختم هذا البحث أحب أن أشير إلى جوهر الخلاف في هذه المسائل التي تتعلق بالله سبحانه وتعالى . فلماذا إخواننا أهل المنة والجماعة بمختلف طوائفهم ينسبون لله سبحانه ما لا يليق بجلالته ؟ ! ولماذا تسعى الشيعة دائماً لتنزيه الله من كل نقص وشائبة ؟ ! يمكن أن يجاب على هذا السؤال بعدة إجابات ، إلا أننا نقتصر على جواب واحد شامل لجميع الأجوبة على نحو الإجمال :