أما مدح المعدوم يرد بأن المدح ليس بالجزء الأول ( لا تدركه الأبصار ) والمدح هنا في المقابلة . ب - واستشكل الرازي أيضاً بأن الأبصار صيغة جمع لا تفيد الاستغراق بمعنى لا تدركه جميع الأبصار ، فيمكن أن تدركه بعض الأبصار ، وهذا يفيد سلب العموم - أي أن النفي متوجه إلى المجموع لا لكل جزء من أجزاء المجموع - ولا يفيد عموم السلب - أي النفي المتوجه إلى كل جزء من أجزاء المجموعة . ويلاحظ عليه : أن لفظة ( الأبصار ) صيغة جمع محلى بألف ولام ، فهي تفيد العموم ( الاستغراقي ) بلا ريب ، والنفي متوجه للنسبة ( العموم ومتعلقه ) فيفيد عموم السلب - أي كل الأبصار لا تدركه - نعم لو توجه النفي لنفس العموم لكان سلب العموم ولكن هذا أجنبيٌ عن المقام غير ظاهر ونظير هذا : ( إن الله لا يحب المعتدين ) فتفيد عموم السلب - أي أن الله لا يحب كل المعتدين - وقوله تعالى ( فإن الله لا بحب الكافرين ) آل عمران 320 ، وقوله ( لا يحب الظالمين ) . . كذلك تفيد عموم السلب كما أن المقابلة بين ( لا تدركه الأبصار ) وبين ( وهو يدرك الأبصار ) لدلالة قطعية على عموم السلب في الأولى ، كما أن الثانية عامة في الإثبات . ج - وقد نقل الرازي إشكالاً آخر وهو ما نقل عن ضرار الكوفي وهو : أن الله تعالى لا يرى بالعين وإنما بحاسة سادسة يخلقها الله تعالى يوم القيامة ، وذلك لتخصيص عدم الرؤية بالبصر فقط ، فيكون إدراك الله بغير البصر جائز . . . . وهذا هروب من طاولة البحث لأن محل النزاع هو الرؤية البصرية التي صرحوا بها ( وهي بهذه العيون كالقمر في ليلة البدر ) .