السفهاء منا ) فإذن هو فعل سفيه ( إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء ) . ثم يشرع في الدعاء : ( أنت ولينا فأغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين ) . أما الوجه الثاني : فإنه تعالى لم يعلق الرؤية على استقرار الجبل - من حيث هو - الذي هو ممكن ، ولا على استقرار الجبل حال دكه بل علقه تعالى على استقرار الجبل بعد تجلي الرب تعالى ، وهو غير ممكن وغير واقع ، وهي طريقة عقلائية تفيد الامتناع ، مما يدلل على عدم إمكانية الرؤية ، ولا يقال لو أراد الله تعالى الامتناع لعلق على المحال العقلي بنفسه لا بالدلالة العقلائية ، كما في قوله ( حتى يلج الجمل في سم الخياط ) . نقول إن الحكمة الإلهية اقتضت أن تظهر المنع بطريقة العجز البشري ، لما هو معروف من طباع بني إسرائيل - المادية ، الحسية ، التشكيكية ، فلا ينفع معهم الحوار العقلي الهادئ ، بل لابد من أسلوب الصدمة الرادعة نفسياً والكاشفة عقلياً عن الاستحالة ، ونلاحظ أن دخول الكفار الجنة ليس بمستحيل عقلاً وقد شبهه الله سبحانه بالمستحيل وهو ولوج الجمل في سم الخياط ، مقابل الرؤية التي هي مستحيلة عقلاً ، وعلقت على أمر بنفسه ليس مستحيلاً لعدم الوقوع وللتضاد . أما ردع موسى ( ع ) لبني إسرائيل ، فليس محكياً في الآيات القرآنية لأنها ليست بصدد تفصيل القصة ، والروايات الواردة عن أهل البيت ( ع ) تبين أنه ( ع ) رد عليهم ، ولكن كافة أساليب موسى في نصحهم وردعه لهم لم يمنعهم عن التفكير بنفس النسق الحسي .