وجل عليهم صاعقة فأخذتهم بظلمهم فماتوا ، فقال موسى : يا رب ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم وقالوا : إنك ذهبت بهم فقتلتهم لأنك لم تكن صادقاً فيما ادعيت من مناجاة الله إياك ، فأحياهم الله وبعثهم معه ، فقالوا : إنك لو سألت الله أن يريك أن تنظر إليه لأجابك وكنت تخبرنا كيف هو فنعرفه حق معرفته ، فقال موسى عليه السلام : يا قوم إن الله لا يرى بالأبصار ولا كيفية له ، وإنما يعرف بآياته ويعلم بإعلامه ، فقالوا : لن نؤمن لك حتى تسأله ، فقال موسى عليه السلام يا رب إنك قد سمعت مقالة بتي إسرائيل وأنت أعلم بصلاحهم ، فأوحى الله جل جلاله إليه : يا موسى اسألني ما سألوك فلن أؤاخذك بجهلهم ، فعند ذلك قال موسى عليه السلام : ( رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر غلى الجبل فإن استقر مكانه ( وهو يهوي ) فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل ( بآية من آياته ) جعله دكاً وخر موسى صعقاً فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك ( يقول : رجعت إلى معرفتي بك عن جهل قومي ) ولنا أول المؤمنين ) منهم بأنك لا ترى ، فقال المأمون : لله درك يا أبا الحسن . والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة ، وقد أخرجه بتمامه في كتاب عيون أخبار الرضا عليه السلام . وعليه لا يلقى وجه لمثل هذا الاستدلال ، فالسؤال بلسان بني إسرائيل وكان الجواب بتدبير إلهي منه تعالى ، لأنهم لا يسمعون لموسى ( ع ) والتعليق على الجبل ودكه وأسلوب الصدمة العنيف مألوف في تأديب بتي إسرائيل لنزعتهم الحسية وقسوة قلوبهم . فكيف ينسب لموسى ( ع ) ما تبرأ منه في آية 155 الأعراف حيث دعا الله سائلاً إياه تعالى إحياء قومه ، فبدأ تأدباً بقوله : ( رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي ) فلا يتهمني بنو إسرائيل بقتلهم ، ثم قال : ( أتهلكنا بما فعل