وأيضاً إذا حرم الله علينا ضيافة شخص معين ، فلا يغير هذا التحريم ماهية الضيافة وهي الإكرام والاحترام فتصبح الضيافة إهانة للضيف ، فإذا اعتبرت أن السجود شرك وعبادة ، فإذا أمر الله به فلا يغير هذا الأمر ماهيته ، فيصبح السجود بالأمر الإلهي توحيداً خالصاً ، وهذا محال ، فيلزم من كلامك أن تتهم الملائكة بالشرك . بدأت الحيرة على وجهه وظل ساكتاً . قطعت صمته قائلاً : أمامك أمران ، إما أن يكون هذا السجود خارجاً من الأساس عن إطار العبادة . . وهذا ما نقوله . وإما أن يكون هذا السجود من أجلى مصاديق العبادة وتكون الملائكة الساجدة مشركة ولكنه شرك أذن الله به وأجازه ، وهذا ما لا يقول به مسلم عاقل ، وهو مردود بقوله تعالى : ( قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله مالا تعلمون ) الأعراف 28 . فلو كان السجود عبادة وشركاً لما كان الله سبحانه وتعالى يأمر به . وقد أخبرنا القرآن أيضاً بسجود أخوة يوسف وأبيه ، وهذا السجود لم يكن بالأمر الإلهي ، ولم يصفه الله سبحانه بالشرك ، ولم يتهم أخوة يوسف وأباه بذلك ، قال تعالى : ( . . رفع أبويه على العرش وخروا له سجداً وقال يأبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقاً ) يوسف 100 . وكانت هذه الرؤية في الآية 4 ( إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين ) . فقد عبر الله تعالى في الموضعين بالسجود ليوسف ، وبهذا يستفاد أن مجرد السجود أو أي عمل يظهر منه الخضوع والتذلل والتعظيم ليس عبادة . وبهذا لا يمكن أن نسمي ذلك المسلم الموحد الذي يخضع ويتذلل أمام قبر رسول الله وأضرحة الأئمة والأولياء مشركاً عابداً للقبر ، لأن الخضوع لا