هذا هو قول السلف ، ولكن ابن تيمية اختار لنفسه طريقا آخر ، فلم يجد من يؤيده فنسبه إلى السلف ، فنرى السلف لا يؤمنون بالمكان لله سبحانه ، ونرى ابن تيمية يحشد مجموعة من الآيات والأحاديث ليثبت بها مكان الله سبحانه وتعالى في رسالته لأهل حماة ، فيصل إلى قوله : ( . . . إن الله سبحانه على العرش استوى ، وأنه فوق السماء ) ( 1 ) ويقصد بذلك المكان . أما في تفسير ابن عطية الذي يعتبره ابن تيمية أرجح التفاسير فقد أورد ما أورده الطبري من روايات ابن عباس ، ثم علق على بعض الروايات التي ذكرها الطبري وتمسك بها ابن تيمية بقوله : ( هذه أقوال جهلة مجسمين وكان الواجب ألا تُحكى ) ( 2 ) . وهذا شاهد أخير في تفسير قوله تعالى : ( كل شيء هالك إلا وجهه ) القصص / 88 . وقوله : ( ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) الرحمن / 27 . التي يثبت بها ابن تيمية الوجه على الحقيقة . قال الطبري : واختلف في معنى قوله ( ألا وجهه ) فقال بعضهم معناه كل شيء هالك إلا هو . وقال آخرون : معنى ذلك إلا ما أريد به وجهه ، واستشهدوا بتأويلهم بقول الشاعر أستغفر الله ذنباً لست محصيه رب العباد إليه الوجه والعمل ( 3 ) ولم يزد على ذلك شيئاً .
1 - العقيدة الحموية الكبرآ ، مجموع الرسائل الكبرى لابن تيمية ص 329 - 332 . 2 - فتح القدير للشوكاني . 3 - تفسير الطبري ج 2 ص 82 .