إذا راجعنا تفسير الطبري ، والذي يصفه ابن تيمية بقوله : ليس فيه بدعة ، ولا يروي عن متهمين ( 1 ) . وعندما نراجع فيه آية الكرسي التي اعتبرها ابن تيمية من أعظم آيات الصفات ، كما في الفتاوي الكبيرة ج 6 ص 322 . يورد الطبري روايتين بالإسناد إلى ابن عباس ، في تفسير قوله تعالى ( وسع كرسيه السماوات والأرض ) . قال : اختف أهل التأويل في معنى الكرسي ، فقال بعضهم هو علم الله تعالى ذكره ، وذكر من قال ذلك بإسناده عن أن ابن عباس قال : كرسيه علمه . ورواية أخرى بإسناده عن ابن عباس أيضاً ، قال : كرسيه علمه ، ألا ترى في قوله ( ولا يؤوده حفظهما ) ( 2 ) . انظر وتعجب ، في الكذب المحض ، فهو يقول : ( أن السلف لم يختلفوا في شيء من الصفات والطبري يقول : ( اختلف أهل التأويل ) ويطلق ابن تيمية قوله : ( لم أجد إلى ساعتي هذه أحداً من الصحابة تأول شيئاً من آيات الصفات ) رغم ادعائه أنه راجع مائة تفسير ، والطبري يذكر روايتين عن ابن عباس . وإليك الشاهد الثاني : من نفس تفسير الطبري ، في تفسير قوله تعالى : ( وهو العلي العظيم ) . يقول الطبري : واختلف أهل البحث في معنى قوله ( وهو العلي العظيم ) فقال بعضهم ( يعني بذلك وهوعلي عن النظير والأشباه ، أنكروا أن يكون معنى ذلك هو العلي : المكان . وقالوا : غير جائز أن يخلو منه مكان ولا معنى لوصفه بعلو المكان لأن ذلك وصف بأنه في مكان دون مكان ) ( 3 ) .
1 - المقدمة في أصول التفسير ص 51 2 - تفسير الطبري ج 3 ص 7 . 3 - تفسير الطبري ج 3 ص 9 .