فهو رئيس الفضائل وينبوعها ، وأبو عذرها ، وسابق مضمارها ، ومجلّي حلبتها ، كل من برع فيها فمنه أخذ ، وبه اقتفى ، وعلى مثاله احتذى ، وقد عرفتم أن أشرف العلوم العلم الإلهي ، ومن كلامه اقتبس وعنه نقل ومنه ابتدأ . فإن المعتزلة الذين هم أهل النظر ومنهم تعلم الناس هذا الفن هم تلامذته ، فإن كبيرهم واصل بن عطاء تلميذ أبي هاشم عبد الله بن محمد ابن الحنفية ( 1 ) ، وأبو هاشم عبد الله تلميذ أبيه ، وأبوه تلميذ علي بن أبي طالب ( ع ) . وأما الأشعريون فإنهم ينتهون إلى أبي الحسن الأشعري وهو تلميذ أبي علي الجبائي ، وهو تلميذ واصل بن عطاء ( 2 ) . وأما الإمامية والزيدية فانتهاؤهم إليه ظاهر . وأما علم الفقه فهو أصله وأساسه ، وكل فقيه في الإسلام فإليه يعزي نفسه . أما مالك فأخذ الفقه عن ربيعة الرأي ، وهو أخذه عن عكرمة ، وهو أخذه عن عبد الله ، وهو أخذه عن علي . وأما أبو حنيفة فعن الصادق ( ع ) . وأما الشافعي فهو تلميذ مالك ، والحنبلي تلميذ الشافعي ( 3 ) ، وأما فقهاء الشيعة فرجوعهم إليه ظاهر ، وأما فقهاء الصحابة فرجوعهم إليه ظاهر كابن عباس وغيرهم ، وناهيكم قول عمر غير مرة : ( لا يفتين أحد في
1 - هو عبد الله بن محمد بن الحنفية الملقب بالأكبر ، والمكنى بأبي هاشم ، إمام الكيسانية مات سنة 98 و 99 . تنقيح المقال للمامقاني ج 2 ص 212 . 2 - شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 ص 17 . 3 - شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 ص 17 .