وهناك اختلاف بين مدرسة الشافعي في العراق ، ومدرسته في مصر ، تستدعي التأمل ، فقد عرف عن الشافعي أنه عدل عن فتاويه في العراق ، وعرفت بالمذهب القديم وهو الذي أخذه تلاميذه في العراق ، ومن كتب المذهب القديم ، الأمالي ومجمع الكافي ، فعند هجرته إلى مصر حرّم الأخذ بمذهبه القديم بعد أن انتشر وعمل به العوام . . فهل رجع عنها لأنها كانت باطلة ؟ ! أم أن اجتهاده كان ناقصاً في بغداد واكتمل في مصر ؟ ! ثم ما هو الضمان بصحة مذهبه الجديد في مصر ؟ ! وهل لو طال به العمر يعدل عنه ؟ ! . فلذلك تجد قولين في المسألة الواحدة في الفقه الشافعي ، كما جاء في كتاب الأم ، وقد يُعتبر هذا التردد والاختلاف ناتجاً من عدم الجزم وهو نقص في الاجتهاد والعلم . وقد أكد هذا المعنى قول البزاز : ( كان الشافعي ( رض ) بالعراق يُصنف الكتب وأصحاب محمد - أي الشيباني - يكثرون عليه أقاويله بالحجج ويضعفون أقواله وقد ضيقوا عليه ، وأصحاب الحديث لا يلتفتون إلى قوله ، ويرمونه بالاعتزال فلما لم يقم له بالعراق سوق خرج إلى مصر ، ولم يكن بها فقيه معلوم فقام له بها سوق ( 1 ) . . واختلف هذا الوضع عندما هاجر إلى مصر لأن الشافعي عرف بأنه تلميذ مالك ونار مذهبه والمدافع عنه وهذا هو العامل الذي هيأ له النجاح في مصر ، وذلك أن الطابع العام كان مالكياً ، بالإضافة إلى أنه قدم إلى مصر بتوصية من خليفة العصر إلى أمير مصر فوجد بذلك العناية الكافية في مصر وخاصة من أصحاب مالك فأخذ بعد ذلك بنشر مذهبه الجديد . ولكن ما برح الشافعي كثيراً حتى أخذ يؤلف الكتب في الرد على مالك ، ومعارضة أقواله ، ويقول الربيع في ذلك : سمعت الشافعي يقول :