قدمت مصر ولا أعرف أن مالكاً يخالف من أحاديثه إلا ستة عشرة حديثاً ، فنظرت ، فإذا هو يقول بالأصل ويدع الفرع ويقول بالفرع ويدع الأصل . وقال أبو عمر : وتكلم في مالك أيضاً فيما ذكره الساجي في كتاب العلل ، عبد العزيز بن أبي سلمى ، وعبد الرحمن بن زيد ، وعابوا أشياء من مذهبه إلى أن يقول وتحامل عليه الشافعي ، وبعض أصحاب أبي حنيفة في شيء من رأيه حسداً لموضع إمامته ( 1 ) . فضاق المالكية به ذرعاً ، وتربصوا به حتى قتلوه ، وقد نصّ ابن حجر على أنهم ضربوه بمفتاح حديد فمات ( 2 ) ، وذكر قصيدة أبي حيان في مدح الشافعي : ولما أتى مصر انبرى بالأذى له أناس طووا كشحاً على بغضه طيا أتى ناقداً ما حصّلوه وهادماً لما أضلوا إذ كان بنيانهم وهيا فدسوا عليه عندما انفردوا به شقياً لهم شلّ الإله له اليديا فشّق بمفتاح الحيد جبينه فراح قتيلاً لا بواك ولا نعيا فذهب الشافعي ضحية التعصب المذهبي من المالكية . ورغم كل ذلك كانت مصر البذرة الأولى التي انتشر منها مذهب الشافعي ، بفضل أصحابه وتلامذته ، ولولاهم لكان حاله حال المذاهب
1 - جامع بيان العلم وفضله . 2 - توالي التأسيس ص 86 .