قال : ما أراك تحسن شيئاً ، ثم جعل يوجه إليه أسئلة فكان جواب أبي حنيفة عدم الجواب عنها . فأجابه الإمام عنها . ثم قال : يا نعمان حدثني أبي عن جدي أن رسول الله ( ص ) قال : أول من قاس أمر الدين برأيه إبليس . قال الله تعالى له : اسجد لآدم . فقال : أنا خير منه ، خلقتني من نار وخلقته من طين ، فمن قاس الدين برأيه قرنه الله يوم القيامة بإبليس ، لأنه من أتباعه بالقياس . يقول الفخر الرازي : ( العجب أن أبا حنيفة كان تعويله على القياس ، وخصومه يذمونه بسبب كثرة القياسات ، ولم يُنقل عنه ولا عن أحد من أصحابه أنه صنف في إثبات القياس ورقة ، ولا أنه ذكر في تقريره شبهة ، فضلاً عن حجة ، ولا أنه أجاب عن دلائل خصومه في إنكار القياس ، بل أول من قال في هذه المسألة وأورد فيها الدلائل هو الشافعي ) ( 1 ) . ومن أجل ذلك نجد الإمام الصادق ( ع ) ، يوجه الأمة إلى الطرق الصحيحة في استنباط الأحكام الشرعية ، وخاصة بعدما تفشى القياس والعمل به كمصدر من مصادر التشريع ، فتخرج من مدرسته آلاف العلماء المجتهدين . وكان من بينهم أبو حنيفة الذي انقطع له طوال عامين قضاهما بالمدينة ، وفيها يقول : لولا العامان لهلك النعمان . وكان لا يخاطب صاحب المجلس إلا بقول : ( جُعلت فداك يا ابن بنت رسول الله ) ( 2 ) .
1 - الإمام الصادق ، لعبد الحليم الجندي هامش ص 180 . 2 - المصدر السابق ص 162 .