قال جعفر : نعم ، قد أتانا ، كأنه كره ما يقول فيه قومه أنه إذا رأى الرجل عرفه ، ثم التفت المنصور إليّ فقال : يا أبا حنيفة ألق على أبي عبد الله مسائلك ، فجعلت أُلقي فيُجيبني ، فيقول : أنتم تقولون كذا وأهل المدينة يقولون كذا ونحن نقول كذا ، فربما تابعنا وربما تابعهم وربما خالفنا جميعاً حتى أتيت على الأربعين مسألة ، ثم قال أبو حنيفة : ألسنا روينا أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس ( 1 ) . . وكان الإمام الصادق ( ع ) ، ينهى أبا حنيفة عن القياس ويشدد الإنكار عليه ، ويقول : بلغني أنك تقيس الدين برأيك ، لا تفعل فإن أول من قاس إبليس ( 2 ) . وقال له : يا أبا حنيفة ، ما تقول في محرم كسر رباعية ظبي ؟ ! قال : يا ابن رسول الله ما أعلم فيه . فقال : أنت تتداهى ولا تعلم أن الظبي لا يكون له رباعية ، وهو ثني أبداً ( 3 ) . وحدّثنا أبو نعيم : إن أبا حنيفة وعبد الله بن أبي شبرمة وابن أبي ليلى دخلوا على جعفر بن محمد الصادق ، فقال لابن أبي ليلى : من هذا الذي معك ؟ قالك هذا رجل له بصر ونفاذ في الدين . قال : لعله يقيس أمر الدين برأيه ؟ قال : نعم . فقال جعفر لأبي حنيفة : ما اسمك ؟ قال : نعمان .
1 - مناقب أبي حنيفة ، للموفق ج 1 ص 137 . تذكرة الحفّاظ للذهبي ج 1 ص 157 . 2 - الطبقات الكبرى للشعراني ج 1 ص 28 . 3 - وفيات الأعيان ج 1 ص 212 ، شذرات الذهب ج 1 ص 220 .