منهم الآخر ووصل الأمر إلى التقاتل فيما بينهم في حروب طاحنة راح ضحيتها أكثر من مائة ألف رقبة مسلمة . وهذا مصداق الآية ( . . ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا . . ) . وبعد هذا لا يمكن القول كيف يمكن للأصحاب أن ينقلبوا وهم الذي ضحوا بأموالهم وأنفسهم وقاتلوا أهليهم ووقفوا مع رسول الله ( ص ) في الشدة والرخاء ورأوا آياته ومعجزاته ! ! إذ يرد بالإضافة إلى ما مضى . آ - إن ضمير المخاطبين في ( انقلبتم ) إنما هو موجه لهم بالذات ، إذ لا يعقل أن يقصد به الكفار أو المنافقين وهم منقلبون في الأساس . ب - إن العلم لا يشفع لصاحبه أن يستقيم ، فكم من الناس يعلم أن الحق في ضفة ، ولكن هواه يملي عليه الضفة الأخرى فيتبعها ، بل إن أكثر حالات البغي تأتي بعد العلم بالحق ( وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم ) ( وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغياً بينهم ) فكل شيء بين وواضح ( البينات ) ولكن اختلفوا واقتتلوا ( ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ) ( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم ) . ج - إن التضحيات السابقة والصبر على البلاء لا يعصم الإنسان من الانحراف في المستقبل ، وليست بأعظم من التضحيات والصبر على البلاء الذي صب على بني إسرائيل عندما قطع فرعون أرجلهم وأيديهم من خلاف فصبروا وصلبهم فصبروا واستحيي نساءهم وأطفالهم وقتل رجالهم فصبروا على التمسك بدعوة موسى ( ع ) ورأوا وبشكل واضح معجزات موسى ( ع )