الأماكن لا تعتبر طرقات ، وثانياً وهي مشكلة كل الوهابية ، أن الواحد منهم بزمن قليل من تدينه وبقليل من العلم ، يصبح مجتهداً يحق له أن يفتي في أي مسألة ، وأذكر يوماً أن أحدهم كان جالساً معي أناقشه في كثير من الأمور ، وفي أثناء النقاش انتفض قائماً بعدما سمع صوت أذان المغرب في مسجدهم ، قلت له مهلاً نكمل حديثنا . قال : لا حديث ، قد حان وقت الصلاة ، هيا لنصلي في المسجد ، قلت له : أنا أصلي في بيتي - رغم التزامي بالصلاة معهم - قال صارخاً : باطلة صلاتك . انذهلت من هذا القول . . وقبل أن استفسر أدار ظهره ليذهب . قلت له : مكانك ، ما هو سبب بطلان صلاتي في البيت ؟ قال ( بكل افتخار وعجب ) : قال رسول الله ( ص ) : لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد . قلت له : لا خلاف في أفضلية صلاة الجماعة في المسجد ، ولكن هذا لا يعني سلب صحة الصلاة في غير هذا الموضع ، والحديث ناظر لتأكيد هذه الأفضلية لا لتبيين حكم الصلاة في البيت ، والدليل على ذلك أننا لم نر في الفقه أن من مبطلات الصلاة الصلاة في البيت ، ولم يفت أحد من الفقهاء في هذه المسألة ، ثم ثانياً بأي حق تصدر هذه الأحكام ؟ ! هل أنت فقيه ؟ ! . . ومن الصعب جداً أن يفتي الإنسان ويبين حكماً لموضوع معين ، فالفقيه يقم بدراسة كل النصوص في مثل هذا المورد ، ويتعرف على دلالة الأمر والنهي في النص . . هل يدل الأمر على الوجوب أم على الاستحباب ، والنهي هل يدل على الحرمة أم الكراهة . . فهذا الدين عميق فأوغل فيه برفق . بدا الانكسار في وجهه ، وعبس وبسر ثم قال : أنت تؤول الحديث ، والتأويل حرام . . وذهب . . فاحتسبت أمري لله من هذا الأحمق الذي لا يفهم شيئاً .