ويؤيد أن الآية الكريمة غير محصورة بهذه الواقعة ما سيأتيك إن شاء الله في تفصيلاتها الآتية مما يدفع أي شبهة أو شك في عدم محصوريتها وعموميتها إلى موت الرسول ( ص ) وبعده . ثم أعلم أن للموت معنيين : عاماً والمقصود به قبض الروح ( أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة ) ( وهو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ) . وهنا معنى خاصاً له يقابل القتل وهو الذي يموت حتف أنفه لفساد بنية حياته ، وأي آية جاءت باللفظتين في آن واحد أي لفظ الموت والقتل فإن المقصود المعنى الخاص للموت ، وتأكد ذلك عند استخدام حرف ( أو ) الذي يفيد المفارقة بين المعطوف والمعطوف عليه ومثال ذلك ( ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون ) ( ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون ) ( ولو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ) . إذ لو كان في هذه الآيات بمعناه الأعم فليس هناك مسوغ لاستخدام لفظة القتل إذ هو من ضمنه ، وهذا خلاف البلاغة وهذا ما ينطبق على محل خلافنا ، ومن هنا يثبت أن المقصود بالموت في آية الانقلاب هو المعنى الأخص الذي هو قسم القتل وليس المقسم له ( 1 ) . لماذا ركز الله تعالى على صفة الرسالة في رسوله وأنه رسول قد خلت من قبله الرس ، وكان يكفيه قوله ( وما محمد إلا رسول ) ويعقبها مباشرة ( أفإن مات أو قتل ) ؟
1 - الموت ب ( المعنى الأعم ) : أ - القتل . ب - الموت ب ( المعنى الأخص ) .