فإذا رجعنا إلى الآيات يتضح لنا أن الشورى الإسلامية تتصور على نحوين : آ - إما أن يكون موضوع الشورى الذي يراد الاستشارة فيه أمر جزئياً في نطاق ضيق ومحدود كموضوع فطام الطفل الرضيع كما تشير إليه الآية ( فإن أرادا فصالاً . . ) وهذا النوع من الشورى ليس محل النزاع ولذا نغض الطرف عن مناقشته . ب - وإما أن يكون موضوع الشورى الذي يراد الاستشارة فيه أمراً كلياً وعاماً يهم كل المسلمين كإعلان الحرب على العدو أو انتخاب خليفة للمسلمين . . الخ . ولا شك ولا ريب في أنه لا بد الرجوع في مثل هذه الموضوع إلى الرسول ( ص ) ، إذ لا يعقل أن تتم هذا الشورى وليس للرسول ( ص ) فيها رأي ، بل من القبيح عرفاً والعصيان شرعاً أن تتم الشورى بدون الرجوع إلى من يحل محله وهو ولي الأمر ( ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ) النساء / 83 . وهذا النوع من الشورى حسب الآية ( وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل . . ) لها ثلاثة أركان : 1 - ضرورة وجود مستشارين حتى تتم الاستشارة وهذا يدل عليه لفظة ( هم ) في ( وشاروهم ) . 2 - وجود مادة التشاور وموضوعها لكي تقوم هذه الشورى . 3 - ولي يدي الشورى ، والأمر في النهاية منوط برأيه ، وهذا يدل عليه ضمير تاء المخاطب في ( فإذا عزمت فتوكل . . ) ولا إشكال أنه إذا كان الموضوع أمراً كلياً يخص كل المسلمين فإن الذي له حق الحسم إنما هو ولي أمر المسلمين .