يعتمد أهل السنة في نظرية الخلافة على مبدأ الشورى ويرون أن خلافة المسلمين لا تكون إلا بالشورى ، وبذلك صححوا خلافة أبي بكر بانتخابه بالشورى في سقيفة بني ساعدة ، وترى النظرية أو الخط الثاني وهم الشيعة ضرورة التعيين والتنصيب الإلهي للخليفة حيث لا يمكن ضمان اختيار الأصلح في النظرية الأولى وذلك لأن قضية الشورى تتأثر بانفعالات الناس وعواطفهم وتوجهاتهم الفكرية والنفسية وانتماءاتهم العقائدية والاجتماعية والسياسية ، كما تحتاج إلى مستويات من النزاهة والموضوعية والتحرر من المؤثرات الشعورية واللاشعورية ، وذلك يقولون لا بد لرسول الله ( ص ) من وصية واضحة في شأن الخلافة ، وادعت أن رسول الله ( ص ) نص على خليفته بل خلفائه من بعده ، وعلى ذلك قالوا بخلافة علي بن أبي طالب ( ع ) وأن الشورى التي نزل بها القرآن إنما جاءت في بعض المواضيع التي تخص ممارسة الحكم لا تعيين الحاكم الذي هو منصب إلهي . وبما أنه انحصر الخلاف بين هذين الخطين ، فإذا ثبت بطلان أحدهما ثبت صحة الآخر ، مما يترتب عليه صحة أو بطلان خلافة الخليفة سواء كان أبا بكر ومن خلفه من خلفاء أو علياً ( ع ) ومن خلفه من أوصياء . وقد أثبتنا بما لا يدع مجالاً للشك في الفصول السابقة صحة نظرية القائلين بالنص وأحقية أهل البيت في الخلافة الإسلامية ، بل هو حق محصور فيهم لا يتعدى إلى غيرهم ، ولكن من باب إتمام الفائدة وتبيان الحقائق أكثر فأكثر كان لا بد من نقاش نظرية الشورى بما هي نظرية مجرده وصلاحيتها في انتقاء خليفة المسلمين . لقد اعتمد أهل الشورى اعتماداً عظيماً في إقامة نظريتهم على الآيات القرآنية التي توجنا بها صدر البحث فهي العمدة في الباب .