فالمتدبر في الآية بعين الوعي والبصيرة يكتشف ذلك جيداً ، فقوله تعالى : ( يا أيها الرسول بلغ ما أُنزل إليك من ربك . . ) فإن هذه الآية من سورة المائدة وهي آخر سورة القرآن كما جاء في مستدرك الحاكم . كما أن هذه الآية بالذات نزلت في غدير خم كما تقدم ، وهي في آخر حجة لرسول الله ( ص ) ، فيعني ذلك أن الإسلام بالمعنى الظاهري قد كان مبلغاً من صلاة وزكاة وحج وجهاد ، . . إلخ . فما هو هذا الأمر الإلهي الذي يساوي عدم تبليغه عدم تبليغ الرسالة ؟ ! فلا بد أن يكون جوهر الإسلام وغايته ، وهو التسليم للقيادة الإلهية والانصياع لأوامرها ، ومن الواضح أن هذا الأمر يشكل حالة عدم رضا من الصحابة ، فالأغلبية ترفضه ولذلك قال رسول الله ( ص ) لجبرائيل في أحد الروايات بما معناه أني قاتلتهم ثلاثة وعشرين عاماً حتى يعترفوا بنبوتي فكيف يسلموا بإمامة علي ( ع ) بلحظة واحدة . ومن هنا جاء الخطاب القرآني : ( والله يعصمك من الناس . . ) . وبعد أن بلغ الرسول ( ص ) هذا الأمر الذي يساوي كل الرسالة نزل قوله تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ) وقد صرح بنزول هذه الآية في علي كثير من المحدثين ، وذكر منهم الأميني في كتابه الغدير ج 1 ص 230 إلى ص 237 ستة عشر مصدراً ، فإتمام الدين وإكمال النعمة بولاية علي ( ع ) ، فمن هنا يمكن أن نحتمل كل الروايات التي تقول : إن قبول الأعمال من العبد منوطة بولاية أهل البيت ( ع ) ، لأنهم الطريق الذي أمرنا الله تعالى باتباعه ، قال تعالى : ( قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ) ، ومودتهم لا تعني مجرد الحب لهم وإنما موالاتهم واتباعهم وأخذ معالم الدين عنهم .