ثالثاً : مرحلة محمد بن عبد الوهاب : قام ابن عبد الوهاب مجدداً لعقائد الحنابلة بعد أن أشرب في قلبه فكر ابن تيمية ، فأعلن حركته في نجد وبدأ تحركه في المنطقة التي شهدت أسوأ أنواع الكبت والظلم والقتل والتشريد ، وبلغت العقيدة الحنبلية المتحجرة عظمتها ومجدها ودخلت في إطارها التطبيقي على الواقع الخارجي ، لأول مرة في تاريخها بعد أن مرت بمرحلتين لم تجد فيهما كبير حظ وعناية ، وكان السبب في ذلك أن الأشاعرة احتكروا الساحة العقائدية بعد أحمد بن حنبل مباشرة ، أما في المرحلة الثانية : ( إن ابن تيمية افتقد الأرضية الكفيلة بإنجاح دعوته لأنه بثها بين أوساط علمية كان فيهم كبار العلماء والفقهاء ، فأخمدوا ضوضاءها بالاستدلال والبرهنة فثاروا في وجهه ثورة أخمدت دعوته وأبطلت كيده ، وكانت السلطة أيضاً ناصرت العلماء في مجابهتهم له ، فلم يكن لبذرة الفساد نصيب سوى الكمون في ثنايا الكتب ، أو النجاح في مرضى القلوب ) ( 1 ) . وعكس هذا فقد كانت الأجواء مهيأة لمحمد بن عبد الوهاب في نشر أفكاره وسمومه في الأمة ، فكان الجهل والأمية في كل مكان من أقاليم نجد ، بالإضافة إلى سلطة آل سعود التي آلت على نفسها نشر الدعوة بحد السيف ، وبهذه العوامل حملوا الناس على الايمان بالوهابية ، وإلا حكموا عليهم بالكفر والشرك وأحلوا مالهم ودمهم . . مبررين ذلك بمجموعة عقائد فاسدة تحت عنوان التوحيد الصحيح ، فيبدأ ابن عبد الوهاب الحديث عن التوحيد