سبحان من ليس له أنيس ولا له في عرشه جليس فمنعوا الناس من الجلوس إليه ، ومن الدخول عليه ، ورموه بمحابرهم فلما داره رموه بالجارة حتى تكدست ( 1 ) . وهذا يدل على تعصب الحنابلة وشذوذهم في نشر مذهبهم الذي لم يعترف به العلماء ، قال الشيخ أبو زهرة ، إن كثيراً من الأقدمين لم يعدوا أحمداً من الفقهاء ، كابن قتيبة وهو قريب من عصر أحمد جداً وابن جرير الطبري وغيرهما . خاتمة : وبعد هذا العرض لمدارس الفقه عند أهل السنة ، اتضح لنا جلياً أنه ليس هناك ميزة لهذه المذاهب عن غيرها حتى تنتشر وتعم كل العالم الإسلامي ، لولا السياسة التي اقتضت أن يكون أئمة المذاهب الأربعة هم مصادر الفقه ، وذلك لأن السياسة الحاكمة لا يمكن أن تحارب الدين ، بل بالعكس فإنها تنر العلماء وتقربهم لكن بشرط أن لا تمس تعاليمهم مصالح الدولة . فمركز السطان فوق كل شيء . ولذلك نجد أن المذاهب الأربعة قد اختيرت من بين مئات المذاهب وشملها العفو الملكي والرضا السلطاني ، فقلدت تلاميذهم منصب القضاء وجعلت أمور الدين بأيديهم . فنشروا ما يشاؤون من مذاهب شيوخهم كما تقدم شرحه .