طعون على أبي حنيفة : كان هناك غير المغالين فيه طرف آخر من معاصريه من العلماء العدول الذين رموه بالزندقة ، والخروج عن الجادة ، ووصفوه بفساد العقيدة والخروج عن نظام الدين ، ومخالفة الكتاب والسنة ، وطعنوا في دينه وجرّدوه عن الإيمان ( 1 ) . اجتمع سفيان الثوري وشريك وحسن بن صالح وابن أبي ليلى ، فبعثوا إلى أبي حنفية . فقالوا : ما تقول في رجل قتل أباه ونكح أمه وشرب الخمر في رأس أبيه ؟ فقال مؤمن ، فقال ابن أبي ليلى : لا قبلت لك شهادة أبداً . وقال له سفيان الثوري : لا كلمتك أبداً ( 2 ) . وحدّث إبراهيم بن بشار عن سفيان بن عينية أنه قال : ما رأيت أحداً أجرأ على الله من أبي حنيفة ، وعنه أيضاً : كان أبو حنيفة يضرب لحديث رسول الله الأمثال فيبرره بعلمه ( 3 ) . وحُكي عن أبي يوسف ، قيل له : أكان أبو حنيفة مرجئياً ؟ قال : نعم ، قيل : كان جَهْمِيّاً ؟ قال : نعم ، قيل : أين أنت منه ؟ قال : إنما كان أبو حنيفة مدرساً ، فما كان من قوله حسناً قبلناه وما كان قبيحاً تركناه عليه ( 4 ) . فهذا رأي أقرب المقربين إليه ، تلميذه والناشر مذهبه ، فما بال الآخرين . . . . ! .
1 - أبو حنيفة ، لمحمد أبو زهرة ص 5 . 2 - أبو حنيفة ، لمحمد أبو زهرة ص 5 . 3 - الخطيب ص 13 ص 374 . 4 - الانتقاء لابن عبد البر ص 148 .