نام کتاب : الانحرافات الكبرى نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 81
الإتيان بالعذاب ، لأنهم ابتداء يكذبونه في رسالته . وهود عليه السلام عندما حذرهم من عذاب اليوم العظيم . كان في الحقيقة يحذرهم من عذاب الاستئصال ، لأن سنة الاستئصال كانت هي الجارية في صدر البشرية . وذلك لأن ظهور المجتمع الشاذ عن سبيل الفطرة في مرحلة تكوين المجتمعات الإنسانية . قد يؤدي إلى انتشار الشذوذ والانحراف في المجتمعات الأخرى . لهذا كان بتر العضو المريض الذي لم يتقبل الدواء . رحمة وعبرة وشفاء للإنسانية في كل مكان . رحمة لأن الداء قد بتر ودفن في مكانه ولم يجتحهم ، وعبرة كي يعيد المنحرف ترتيب أوراقه على أساس صحيح ، وشفاء لقوم مؤمنين وتثبيت وإبلاغ لهم بأن السماء لا يفر من تحتها الظالمون . لقد دخلت عاد بأقدامها إلى دائرة الاستئصال ، وعندما قالوا لهود عليه السلام : ( فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ) [48] لم يزد عليه السلام في رده عن قوله : ( إنما العلم عند الله وأبلغكم ما أرسلت به ولكني أراكم قوما تجهلون ) [49] لقد قصر عليه السلام العلم بنزول العذاب في الله تعالى : ( إنما العلم عند الله ) لأن العذاب من الغيب الذي لا يعلم حقيقته إلا الله عز وجل . أما هود فلا علم له ما هو العذاب ؟ ولا كيف هو ؟ ولا متى هو ؟ ولذلك عقب عليه السلام بقوله : ( وأبلغكم ما أرسلت به ) أي أن الذي حملته وأرسلت به إليكم هو الذي أبلغته إليكم ، ولا علم لي بالعذاب الذي أمرت بإنذاركم به ما هو ؟ وكيف هو ؟ ومتى هو ؟ ولا قدرة لي عليه ، وإني أراكم قوما تجهلون ، فلا تميزون ما ينفعكم مما يضركم وخيركم من شركم . حين تردون دعوة الله وتكذبون بآياته وتستهزؤون بما يوعدكم به من العذاب [50] . لقد ظنت عاد أن طلبها للعذاب تعجيز لهود عليه السلام ، في الوقت الذي كانوا فيه يسيرون بأقدامهم على طريق العذاب الذي يصل بهم إلى اليوم العظيم . لقد كانت أقدامهم تدب على أرض جدباء أخذ أهلها حذرهم من الطوفان فأذلهم العطش .