responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الانحرافات الكبرى نویسنده : سعيد أيوب    جلد : 1  صفحه : 82


* وجاءت الرياح :
جلس قضاة الطاغوت في ديار الجبابرة ومن حولهم جنود عاد الذين شربوا من إناء الأخلاق الحديدية في ثقافة ( من أشد منا قوة ؟ ) جلسوا تحت السماء التي تمسك عنهم المطر ، ومن حولهم نخالة الحبوب الناشفة . وأوراق الأشجار الميتة ، لم يرفعوا أكفهم إلى السماء حتى يرفع الله عنهم العقاب ، وإنما انطلقوا في يوم عيدهم إلى أكبر أصنامهم وتجمعوا حوله يسألونه الماء أساس حضارة عاد ، ففي هذا العيد وكان يوافق دائما يوم الأربعاء . خرج الجبابرة وخدامهم من الفقهاء والجنود ومن حولهم الغوغاء والرعاع أصحاب العيون التي انطفأ منها كل بريق يحمل معنى من معاني الرحمة ، وأمام الصنم الأكبر وقفوا يبتهلون ويتضرعون بالآباء تحت لهيب الشمس المحرقة ، ولم تكن هناك رياح تسري في الحدائق سريانها البديع . ولم يكن للنسيم الرقيق وجود بينهم يوم زحامهم على أصنامهم . كان الحر شديدا وقطرة الماء أمل للإنسان وللحضارة العريضة التي تتربع عليها عاد ، وبينما هم ينظرون في الأفق شاهدوا سحابا ثقيلا يستقبل أوديتهم . يقول تعالى : ( فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا ) [51] لقد حكموا على العارض بما يعلمون ، ولكن الحقيقة لا يعلمها إلا الله فما كل سحاب يأتي بالماء ، وما كل رياح تحمل الخير ، فعاد وفقا لحضارتها وعقيدتها وثقافتها تحكم على الأشياء بما جرت به العادة ، فالأب الأول في قافلة الانحراف ترك صنما ، وهذا الصنم عبدته القافلة كلها ، فإذا جاءت عاد ووجدته يكون الخروج عن العادة والتقاليد شذوذا . وأمام العادة والتقاليد فليسقط السمع والبصر والفؤاد . ووفقا لهذا المقياس شاهدوا العارض فقالوا بأنه ممطر ، لأن علمهم وقف عند الحد الذي يقول بأن السحاب لا يحمل إلا الماء . أما الذين يؤمنون بالله فيعلمون أن العناصر كلها خاضعة لخالقها ، وقد تحمل هذه العناصر النعم لقوم بينما تحمل النقم لقوم آخرين ، وقد تمطر السماء هنا ماء بينما تمطر في مكان آخر حجارة من سجيل منضود . لهذا كان الإيمان بالله هو روح النظر إلى الأشياء عند الذين آمنوا . وكانت تقوى الله هي المقياس الذي تتحطم عليه العادات والتقاليد ، وكان الخوف من مكر الله يجعلهم في ارتعاد دائم ، لأنهم بشر



[51] سورة الأحقاف ، الآية : 24 .

82

نام کتاب : الانحرافات الكبرى نویسنده : سعيد أيوب    جلد : 1  صفحه : 82
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست