نام کتاب : الانحرافات الكبرى نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 56
وأنه غير مؤمن إلا باللفظ ولذلك دعاه إلى الركوب : ( قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء . . . ) أي سأنضم إلى جبل يعصمني ويقيني من الماء فلا أغرق ( قال لا عاصم اليوم من أمر الله ) أي قال نوح : لا عاصم اليوم - وهو يوم اشتد غضب الله وقضى بالغرق لأهل الأرض ، إلا من التجأ منهم إلى الله - من الله لا جبل ولا غيره . وبعد أن قال نوح ذلك لابنه . حال بينهما الموج فكان ابنه من المغرقين . ولو لم يحل الموج بينهما ولم ينقطع الكلام بذلك . لعرف كفره وتبرأ منه [77] . إن نوحا عليه السلام . لو كان يعلم إبطان ابنه للكفر ما كان يحزنه أمره لأنه القائل : ( فافتح بيني وبينهم فتحا ونجني ومن معي من المؤمنين ) [78] وهو القائل : ( رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ) [79] لم يكن نوح عليه السلام يعلم حقيقة ابنه ، وعندما حال بينهما الموج توجه عليه السلام بوجدانه وشعوره إلى ربه جل وعلا : ( ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحكمين ) [80] قال المفسرون : رفع صوته بالدعاء . كما يدل عليه قوله تعالى : ( ونادى نوح ربه ) ولم يقل : سأل أو قال أو دعا . ورفع الصوت بالاستغاثة من المضطر الذي اشتد به الضر وهاج به الوجد أمر طبيعي . وفي نداء نوح عليه السلام لم يجترئ أن يسأل نجاة ابنه بالتضرع . بل أورد القول كالمستفسر عن حقيقة الأمر . وابتدر بذكر ما وعده الله من نجاة أهله حين أمره أن يجمع الناجين معه في السفينة فقال له : ( احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك ) ولذلك قال عليه السلام : ( رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق ) . . . فذكر وعد ربه وضم إليه أن ابنه من أهله . . فابنه كان مؤمنا به ظاهرا ولم يكن نوح يعلم ما يضمره ابنه في قلبه . فقوله : ( إن ابني من أهلي ) و ( إن وعدك الحق ) ينتجان بانضمام بعضهما إلى بعض الحكم بلزوم نجاة ابنه . ومعنى الآية : ( رب إن ابني من أهلي ، وإن وعدك حق كل الحق ، وإن