نام کتاب : الانحرافات الكبرى نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 178
داخل دورهم ، وضربتهم الصيحة خارج الجدران وهم في الحقول وعلى قمم الجبال ، فمن لم يمت بالرجفة مات بالصيحة ، والصيحة صوت هائل ترتعد له القلوب والأركان . لقد جاءتهم الرجفة عندما دخلوا في وقت الصباح ، وقت خروجهم من أجل امتصاص الأرزاق ، وعندما جاء الصباح لم يجدهم ، لأن الرجفة قد أخذتهم في أيسر زمان . يقول تعالى : ( فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين * الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين ) [35] . قال المفسرون : كان حالهم كحال الذين لم يطيلوا الإقامة في أرضهم . فإن أمثال هؤلاء يسهل زوالهم لعدم تعلقهم بها في عشيرة أو أهل أو دار أو ضياع وعقار ، وأما من تمكن في أرض واستوطنها وأطال المقام بها ، وتعلق بها بكل ما يقع به التعلق في الحياة المادية ، فإن تركها له متعسر كالمتعذر ، وخاصة ترك الأمة القاطنة في أرض أرضها ، وما اقتنته فيها طول مقامها ، وقد ترك هؤلاء وهم أمة عريقة في الأرض دارهم وما فيها في أيسر زمان أخذتهم الرجفة فأصبحوا في ديارهم جاثمين . وقد كانوا يزعمون أن شعيبا . ومن تبعه سيخسرون ، فخاب ظنهم ، وانقلبت الدائرة عليهم ، فكانوا هم الخاسرين ، فمكروا ومكر الله والله خير الماكرين [36] . لقد تصرفوا كأحرار والكون يحيط بهم من كل مكان ولا حرية لهم أمام علله وأسبابه وقد حذرهم شعيب عليه السلام من عذاب محيط ( وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط ) [37] . لكنهم لم يفكروا فيما حولهم فجاءهم العذاب الذي يحيط بدارهم وبديارهم . عذاب فيه رجفة تهتز لها الجدران والقلوب وفيه صيحة تقرع أسماع الذين خارج الجدران ويعملون في الحبوب والحقول . وبعدت مدين كما بعدت ثمود . * 5 - حدائق الأيكة : روي أن الأيكة كانت قريبة من مدين . وكانت تمتاز بحدائقها الملتفة