responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الانحرافات الكبرى نویسنده : سعيد أيوب    جلد : 1  صفحه : 177


الحياة الدنيا ، فيستعبد القوي الضعيف في مرحلة ، ويعبد الضعيف القوي في مرحلة أخرى ، إن سرقة الأقوات بكل صورها هي التي ساعدت على قيام الأوثان على الأرض وفقا لسرقات كل عصر ، فهناك عصر سرق الإنسان بأي صورة من الصور وباعه في أسواق العبيد ! فأدى هذا إلى شرخ في الجدار الإنساني . ترتب عليه سخرة في مكان واستكبار واستعلاء في مكان آخر ، وفي عصر آخر قام الاستكبار بوضع أصنامه ومن حولها جيوش عالم السخرة للدفاع عنها . وفي عصر ثالث قام لصوص الأقوات بنقص الكيل والميزان . كي يتسع عالم السخرة ، وبدلا من وضع قيود الحديد في رقاب العبيد قديما . وضعوا بدلا منها قيود الديون وبقيود الديون يقف الجميع أمام الصنم الجديد الذي فرضه اللصوص الجدد . إن نقص المكيال والميزان يخضع لفقه الأهواء ولا يشيع إلا الجوع . جوع في القمة يتفنن كل يوم في نقص جديد ، وجوع في القاع اضطربت معيشته ، وفي عالم المعيشة الضنك يتحول الجميع إلى ذئاب آدمية ، الكل ضد الكل . ومدين قامت بوضع وتد من أوتاد الشذوذ ، وقامت بنصب خيمة ، تحتها وضع قانون لا يقل خطورة عن قانون رفض بشرية الرسول ، الذي اعتنى به آباؤهم الأوائل في عاد وثمود ، فرفض البشرية تحقير للإنسان وابتعاد به عن منارات الهدى ، ونقص المكيال والميزان تحقير للإنسان وإلقاء به في عالم المادة والأوثان ، ولأن مدين دارت في عكس دوران الفطرة جاءها العقاب يقول تعالى : ( فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين ) [33] وقال تعالى : ( ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين * كأن لم يغنوا فيها ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود ) [34] .
وهم في دارهم أخذتهم الرجفة فوقعوا على وجوههم ، وهم في ديارهم أخذتهم الصيحة فوقعوا على وجوههم .
والرجفة : الاضطراب الشديد . والجثوم في المكان : القعود فيه أو البروك على الأرض . وهو كناية عن الموت . والمعنى : أخذهم الاضطراب الشديد أو الزلزلة الشديدة فأصبحوا في دارهم ميتين لا حراك بهم . لقد ضربتهم الرجفة



[33] سورة العنكبوت ، الآية : 37 .
[34] سورة هود ، الآيتان : 94 - 95 .

177

نام کتاب : الانحرافات الكبرى نویسنده : سعيد أيوب    جلد : 1  صفحه : 177
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست