نام کتاب : الانحرافات الكبرى نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 16
يأمروا به فيعصوا بمخالفته . فهم لم يعصوا شيئا ولم يبطلوا حقا . وحينئذ لم تتم حجة على الذرية . فلم تتم الحجة على جميع بني آدم . وهذا معنى قوله تعالى : ( أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون ) [8] . ولكي لا يكون للسلف وللخلف حجة على الله يوم القيامة . أخذ سبحانه الميثاق من بني آدم جميعا . وهذا الميثاق هو مخزون الفطرة . وحجة بذاته على الإنسان في كل حركة له على الأرض . وميثاق الفطرة هو العمود الفقري للعبادة التي خلق الله الإنسان لها . وهو الكشاف الذي يهدي إلى الطريق المستقيم ويجنب صاحبه الانزلاق في منجيات الإفساد وسفك الدماء التي لم ينف الله سبحانه وجودها عندما قالت الملائكة : ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) وإذا كانت الفطرة كشاف يهدي إلى الصراط المستقيم فإن حدود هذا الصراط وضوابطه يحددها أنبياء الله عليهم السلام . وأنبياء الله على امتداد التاريخ الإنساني بعثوا بدين الفطرة . أي بالعبادة الحق التي تنسجم مع ميثاق الفطرة وتتكاتف معه على صراط مستقيم . فالأنبياء جاؤوا إلى نوع إنساني واحد ذات مقصد واحد . وهذا النوع له رب واحد . وهو الذي فطر السماوات والأرض . والربوبية والألوهية ليست من المناصب التشريفية الوضعية . حتى يختار الإنسان منها لنفسه ما يشاء وكم يشاء وكيف يشاء بل هي مبدئية تكوينية لتدبير أمره . والإنسان حقيقة نوعية واحدة . والنظام الجاري في تدبير أمره نظام واحد متصل مرتبط بعض أجزائه ببعض . ونظام التدبير الواحد لا يقوم به إلا مدبر واحد . لهذا فلا معنى لأن يختلف الإنسان في أمر الربوبية فيتخذ بعضهم ربا غير ما يتخذه الآخر . أو يسلك قوم في عبادته غير ما يسلكه الآخرون . فالإنسان نوع واحد يجب أن يتخذ ربا واحدا . هو رب بحقيقة الربوبية . وهو الله عز اسمه [9] بهذا جاء رسل الله وعلى هذا قامت دعوتهم عليهم السلام . 2 - بذور الانحرافات الكبرى : لم تظهر بذور الإفساد وسفك الدماء الذي ذكرته الملائكة عندما خاطبهم
[8] المصدر السابق : 309 / 8 . [9] الميزان : 322 / 14 .
16
نام کتاب : الانحرافات الكبرى نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 16