ولو سلمنا بوجهة نظر هؤلاء كان علينا الاعتراف بأن كل الأنظمة التي تركبنا اليوم شرعية لا غبار عليها ، لأنها متمكنة من السلطة ، وهذا رأي فاسد . على أن ضمير الأمة ووجدانها الاجتماعي والديني ظل يرفض هذه النظرية - ولا زال - ومن هنا وجدنا في العصور الأولى من كان يعرف اصطلاحا ب ( الإمام بالفعل ) و ( الإمام بالحق ) فالأول هو الشخص المتمكن من السلطة فعلا ولديه القوة ، والثاني هو الإمام الشرعي الذي كان ينبغي وجوده في السلطة ولم يحصل ، وعادة ما كان الناس يوالون الثاني ويلتفون حوله ويحترمونه ، رغم كونه لا حول له ولا قوة . وأمثلة هذا في السير والتاريخ كثيرة لا داعي لذكرها هنا فإني أخشى الإطالة . إن السلطة - أي سلطة - حقيقة واقعية ملموسة وموجودة أمام الناس بأشكال مختلفة ، لكن شرعيتها ليست في مجرد كونها كذلك أو في وجودها الفعلي في حيز الزمان والمكان ، بل في كونها