نام کتاب : أزمة الخلافة والإمامة وآثارها المعاصرة نویسنده : أسعد وحيد القاسم جلد : 1 صفحه : 210
ويتفق جميع من تطرق إلى هذه المسألة أن الدوافع السياسية كانت أخطر أسباب ظهور ظاهرة الوضع ، ولكنه من غير المقبول أن يرمى هذا الإثم - كما يزعم بعضهم - على فئة معينة من المسلمين دون غيرها ، وتبرئة الجيل الأول منه براءة تامة وكأنهم كانوا من المعصومين الذين يستحيل عليهم الكذب والخطيئة . فهذا عبد الفتاح أبو غدة على سبيل المثال يعزي ظهور وضع الحديث إلى الظروف التي رافقت مقتل عثمان حيث ( ذرت الفتن قرنها ، وبدأت الأهواء تأخذ إلى النفوس الضعيفة طريقها ، وظهر في تصرف بعض الناس الذين لم يخطوا بصحبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومشاهدته ألوان من التعصب ، ودبت الخلافات والتفرقة في الصفوف ، وقامت الفرق والمبتدعة بالتحزب والتأويل ) [1] . فهل أن العصر الذي سبق مقتل عثمان وهو عصر الصحابة كان بريئا " من هذه الآفة ؟ وهل أن من طال به العمر من الصحابة بعد مقتل عثمان لا يحتمل عليه الكذب والوضع ؟ وما بيناه من شواهد سابقة فيه إجابة كافية على هذا التساؤل ، فمخالفة الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالقول والعمل ، أثناء حياته وبعده ، وسبهم لبعضهم بعضا ، بل وتهديدهم لبعضهم بالقتل ، وظهور النزعات القبلية بينهم ، وسل السيوف في وجوه بعضهم بعضهم في الجمل وصفين ، وما تبع ذلك كله من مآسي فيه ما يفند ذلك الزعم . ومن أمثلة ضلوع المهاجرين والأنصار بوضع الحديث هو رواية كل منهم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما يشير إلى علو منزلتهم وخصهم ببعض الامتيازات ، فكما أنهم وضعوا الأحاديث في فضل المهاجرين والقرشيين كالذي روي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( الناس تبع لقريش ، وأن هذا الأمر فيهم ما بقي
[1] عبد الفتاح أبو غدة ، لمحات من تاريخ السنة وعلوم الحديث ، ص 46 - 47 .
210
نام کتاب : أزمة الخلافة والإمامة وآثارها المعاصرة نویسنده : أسعد وحيد القاسم جلد : 1 صفحه : 210