نام کتاب : ابتلاءات الأمم نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 227
الناس عليها ، فإن الوجوه المطموسة لا تقصد إلا ما خلفته وراءها ولا تمشي إليه إلا القهقرى ، وهذا الإنسان الذي يسير في غير اتجاه الفطرة كلما توجه إلى ما يراه خيرا لنفسه وصلاحا لدينه ودنياه لم ينل إلا شرا وفسادا ، وكلما بالغ في التقدم زاد في التأخر وليس بفالح أبدا ، وقوله تعالى : * ( نطمس وجوها ) * فيه أنه تعالى أتى بالجمع المنكر ، ولو كان المراد الجميع لم ينكر ، ولتنكير الوجوه وعدم تعيينها هدف من ورائه حكمة ، هي أن المقام لما كان مقام الإبعاد والتهديد وهو إبعاد للجماعة بشر لا يلحق إلا ببعضهم ، كان إبهام الأفراد الذين يقع عليهم السخط الإلهي أوقع في الانذار والتخويف ، لأن وصفهم على إبهامه يقبل الانطباق على كل واحد من القوم ، فلا يأمن أحدهم أن يمسه هذا العذاب [1] . خامسا - [ العنكبوت والدعوة ] : حذرت الدعوة الخاتمة من سلوك سبيل الذين كفروا من أهل الكتاب ، لأن الدعوة تقيم وجهها للدين وتتجه بالبشرية إلى الأمام . وتمدها على امتداد الطريق بالزاد الفطري الذي يحقق السعادة في الدنيا بما يوافق الكمال الأخروي ، بينما تتقدم قافلة الذين كفروا إلى الخلف بزاد عذاب الطمس الذي ضربه الله عليهم بما كسبت أيديهم ، وعلى امتداد هذا الطريق . كلما بالغ أصحابه في التقدم زادوا في التأخر ولن يحصلوا على السعادة الحقيقية أبدا . ومن الآيات التي حذر فيها الله من الذين كفروا من أهل الكتاب قوله تعالى : * ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء