نام کتاب : ابتلاءات الأمم نویسنده : سعيد أيوب جلد : 1 صفحه : 214
عليكم شهيدا . وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه ) * إلى قوله تعالى : * ( قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها . فول وجهك شطر المسجد الحرام . وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره . وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون . ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم ) * [1] قال المفسرون . والمعنى : إنما شرعنا لك يا محمد أولا التوجه إلى بيت المقدس ، ثم صرفناك عنه إلى الكعبة ليظهر حال من يتبعك ويطيعك ويستقبل معك حيثما توجهت . ممن ينقلب على عقبيه ، وإن كان صرف التوجه عن بيت المقدس إلى الكعبة لأمرا عظيما في النفوس ، إلا على الذين هدى الله قلوبهم . فأيقنوا بتصديق الرسول . وبأن كل ما جاء به هو الحق الذي لا مرية فيه . وبأن الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد . وله تعالى أن يكلف عباده بما شاء وينسخ ما يشاء . وهذا بخلاف ما يقوله الذين في قلوبهم مرض . فإنه كلما حدث أمر أحدث لهم شكا ، ثم أخبره تعالى بأن صلاتهم إلى بيت المقدس لن يضيع ثوابها عند الله ، وأمره تعالى بأن يولي وجهه شطر المسجد الحرام ، وأخبره أن الذين أوتوا الكتاب يعلمون أن الله سيوجهه إلى هذه القبلة : مما في كتبهم عن أنبيائهم من النعت والصفة لرسوله الخاتم ( ص ) . وما خصه الله تعالى به وشرفه من الشريعة الكاملة العظيمة ، ولكن أهل الكتاب يتكاتمون ذلك بينهم حسدا وكفرا وعنادا ، وأخبر تعالى أن الرسول لو أقام عليهم كل دليل على صحة ما جاءهم به ، لما اتبعوا قبلته كفرا وعنادا ، وإنه لن يتبع قبلتهم لأن ذلك عن أمر الله تعالى . له الحكمة التامة والحجة البالغة ، ثم أشار تعالى إلى اختلافهم فيما بينهم في تحديد قبلتهم