ومنه سأل الكاهلي أبا عبد اللّه ( عليه السلام ) : أكان عليّ ( عليه السلام ) يتعوّذ من بوار الأيّم ؟
فقال : « نعم ، وليس حيث تذهب ، إنّما كان يتعوّذ من العاهات . والعامّة يقولون : بوار الأيّم ، وليس كما يقولون » [1] . وبوار الأيم : كسادها وعدم الرغبة فيها ، من قولهم : بارت السوق : كسدت [2] . وأصل البوار من البُور : الأرض التي لم تُزرع والمعامي المجهولة والأغفال ونحوها . وفي كتاب النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) لأُكَيْدِرِ دُوْمَة : « ولكم البَوْر والمعامي وأغفال الأرض » وهو بالفتح مصدر وصف به ، ويُروى بالضم ، وهو جمع البوار ، وهي الأرض الخراب التي لم تُزرع [3] . ومن هذا جاء قوله تعالى : ( تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ ) [4] . أي لن تسد ولن تفسد [5] . وقد جاء منها المجاز في حديث عليّ ( عليه السلام ) : « إلى اللّهِ أَشْكُو مِنْ مَعْشَر يَعيشُونَ جُهّالاً ، ويَمُوتُون ضُلاّلاً ، لَيْسَ فيهم سِلْعَةٌ أَبْوَرُ مِن الكِتَاب إذا تُلي حَقَّ تِلاَوَتِه ، ولاَ سِلْعَةٌ أَنفَقُ بَيْعاً ولا أَغْلى ثَمَناً مِن الكِتَابِ إذا حُرِّف عَنْ مَوَاضِعِه » [6] .
وجاء في الحديث : « كنّا نبور أولادنا بحُبِّ عليّ » [7] . البَوْر : التَّجربةُ ، برته وبرت ما عِنده [8] . وباره بوْراً وابتاره ، كلاهما : اختبره . وأصل ذلك من بار الفحل الناقة يبورها بَوْراً ويبتارها . وابتارها : جعل يتشمّمها لينظر ألاقح هي أم حائل . ومنه قولهم : بُر لي ما عند فلان ، أي أعلمه وامتحن لي ما في نفسه . وفي الحديث أنّ داوود سأل سليمان ، عليهما السلام ، وهو يبتار علمه ، أي يختبره ويمتحنه [1] . وفيه قول الشاعر في نعت الحرب :
بضرب كآذان الفِراء فُضولُه * وطَعْن كإيزاغ المَخاض تَبُورُها والفِراء جمع الفَرَأ ، وهو حمار الوحش ، وإيزاغ المخاض : يعني قذف الإبل بأبوالها فهي توزغ به ، ذلك إذا كانت حوامل ، شبه الطعن به ، وتبورها : تختبرها أنت [2] .
[ بوق ] روي عن الصادق ( عليه السلام ) : أنّ المؤمن من أمِن جاره بوائقه [3] .
البوائق : جمع بائقة ، وهي الداهية . وداهية بؤوق : شديدة . يقال : باقتهم الداهية تبوقهم .