وهادنه مهادنةً . صالحه ، الاسم منهما الهُدنة [1] . ومنه قوله ( عليه السلام ) : « عُمياناً في غيب الهُدنة » ، أي لا يعرفون ما في الفتنة من الشرِّ ، ولا ما في السكون من الخير . وفي حديث سلمان ( رضي الله عنه ) : « مَلْغاة أوّل الليل مهدنة لآخره » . معناه إذا سهر أوّل الليل ولغا في الحديث لم يستيقظ في آخره للتهجّد والصلاة ، أي نومه في آخر الليل بسبب سَهره في أوّله . والملغاة والمهدنة : مفعلة ، من اللغو والهدون ، أي مَظِنّة لهما [2] . وفي الحديث : أنّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) ذكر الفِتن فقال : « يكون بعدها هُدْنَةٌ على دَخَن وجماعةٌ على أقذاء » . يقال للصلح بعد القتال والموادعة بين المسلمين والكفّار وبين كلّ متحاربين : هدنة ، وربّما جُعِلت للهدنة مدّة معلومة ، فإذا انقضت المدّة عادوا إلى القتال . والمعنى سكون على غلّ [3] . أي على فساد واختلاف ، تشبيهاً بدُخان الحَطَب الرَّطب لما بينهم من الفساد الباطن تحت الصلاح الظاهر . وجاء تفسيره في الحديث : أنّه لا ترجع قلوبُ قوم على ما كانت عليه ، أي لا يصفو بعضها لبعض ولا يَنْصَعُ حبّها كالكُدُورةِ التي في لون الدّابّة [4] .
[ هذم ] في حديث عليّ ( عليه السلام ) في التزهيد من الدنيا : « أَلاَ فَاذْكُروا هَاذِمَ اللّذّاتِ ، ومُنَغِّص الشَّهَوَاتِ ، وَقَاطِعَ الأُمْنِيَاتِ ، عِنْدَ المُسَاوَرَةِ للأعْمَالِ القَبِيحَةِ » [1] .
الهذم : القطع ، والهذم : الأكل ، كلّ ذلك في سرعة ، وهَذَمَ يَهْذِمُ هَذْماً ، وهي سرعة الأكل والقطع . وسكّين هذوم : تهَذِمُ اللحمَ ، أي تُسرع قطعه فتأكله [2] . وسيفٌ مِهْذَمٌ وهُذام : قاطع حديد [3] . وهذَّ الشيء يهذّه هذّاً ، إذا قطعه قطعاً سريعاً . ومنه هذَّ القرآن يهُذُّه ، إذا أسرع قراءته [4] . وحديث عليّ ( عليه السلام ) في قراءة القرآن : « بيّنه تبييناً ، ولا تَهُذُّه هذَّ الشعر ، ولا تنثره نثر الرمل » [5] من هذا المعنى ، أي الترسّل والتأني في القراءة . وأكثر نسخ النهج « هادم » بالدال المهملة ، وفي شرح عبده « هازم » بالزاي بدل الدال ، وفي كلّ الوجوه يكنّى به عن الموت ، فهو هاذم وهادم لآمال