وفي حديث فاطمة ( عليها السلام ) أيضاً : « أنار اللّه بأبي محمدّ ( صلى الله عليه وآله ) ظلمها ، وكشف عن القلوب بهمها ، وجلا عن الأبصار غممها ، وقام في الناس بالهداية فأنقذهم من الغواية ، وبصرهم من العماية ، وهداهم إلى الدين القويم ، ودعاهم إلى الطريق المستقيم » [1] .
بهمة القلوب : من قولهم : استبهم عليهم الأمر ، أي استغلق ، وتبهّم أيضاً ، إذا أُرتِجّ .
وأمر مبهم : لا مأتي له . وفي حديث عليّ ( عليه السلام ) : « كان إذا نزل به إحدى المبهمات كشفها » .
يريد مسألة معضلة مُشكلة شاقّة ، سُمّيت مبهمة لأنّها أُبهِمت عن البيان فلم يُجعل عليها دليل ، ومنه قيل لما لا ينطق : بهيمة [2] . ومن هذا قال ( عليه السلام ) : « ضَادّ النُّورَ بالظُّلْمَةِ ، والوُضُوحَ بالبُهْمَةِ » [3] .
وغمم الأبصار : من قولهم : غُمّ الهلال على الناس غمّاً : ستره الغيم وغيره فلم يُر . وليلة غمّاء : آخر ليلة من الشهر ، سُمّيت بذلك لأنّه غُمّ عليه أمرها ، أي سُتر فلم يُدْرَ أمِن المقبل هي أم من الماضي . والغمّى : الشديدة من شدائد الدهر ، وأمر غمّة ، أي مبهم ملتبس يقال : إنّهم لفي غُمّى من أمرهم ، إذا كانوا في أمر ملتبس [4] . ومنه قوله تعالى : ( ثُمَّ لا يَكُن أَمْرُكُم عَلَيْكُمْ غُمَّةً ) [5] . والغواية : الانهماك في الغيّ . والغيّ : الضلال والخيبة . يقال : غَوَى ، بالفتح ، غيّاً ، وغَوِي غواية [1] .
وفي حديث موسى بن جعفر ( عليه السلام ) قال : « إنّ اللّه خلق قلوب المؤمنين مطوية مبهمة على الإيمان ، فإذا أراد استنارة ما فيها نضحها بالحكمة ، وزرعها بالعلم ، وزارعها والقيّم عليها ربّ العالمين » [2] .
إبهام القلوب : من قولهم : أبهمت الباب إذا أغلقته ، فهو مبهم [3] .
والبهيم : هو الذي لا يخالط لونه شيء سوى لونه تقول : هذا فرس جواد بهيم ، وهذه فرس جواد بهيم [4] . ولا يقال في الأبيض : بهيم [5] . ومراده ( عليه السلام ) الفطرة التي فُطر عليها المؤمن ، وقال الزمخشري : مالا شية فيه أيّ لون كان إلاّ الشُّهْبة [6] . ومنه حديث النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « يحشر الناس يوم القيامة عُراةً حُفاة بُهْماً » .