يبعث نبيّاً قطّ إلاّ صاحب مِرّة سَوْدَاء صَافية » [1] . والمَرار جمع المرارة ، وهي التي في جوف الشاة وغيرها يكون فيها ماء أخضر مرٌّ . قيل : هي لكلِّ حيوان إلاّ الجمل . والمُرِّيُّ : الذي يؤتدم به كأنّه منسوب إلى المرارة ، والعامّة تخففه [2] . قال المجلسي : يُسمّى بالفارسية آبكامه ، قال البغدادي : هو اسم نبطيٌّ ، وقيل : بل عربيٌّ مشتقٌّ من معنى المرارة ، وقيل : بل أصله الممرى لكن غلب استعماله بميم واحدة [3] .
ومنه حديث الصادق ( عليه السلام ) : « أنّ يوسف ( عليه السلام ) كان يكثر عنده الخبز اليابس ، فأُمر أن يُجعل الخبز اليابس في خابية ويصبّ عليه الماء والملح فصار مرياً فجعل يتأدّم به » [4] . وفي خبر ابن عبّاس ( رضي الله عنه ) : « كان الوحي إذا نزل سَمِعت الملائكة صَوْت مِرَار السلسِلة على الصَّفا » ، أي صوت انجرارها واطِّرادها على الصّخْر ، وأنشد أبو عبيدة قول غيلان الربعي :
تَكُرُّ بعد الشَّوْطِ من مِرارها * كَرَّ منيح الخَصل في قِمَارها قال : سألت أعرابياً عن مِرارها ، فقال : مِرَاحُها واطِّرادها ، قال : وإذا اطّرد الرجلان في الحرب فهما يتمارّان ، وكلُّ واحد منهما يمارّ صاحبه ، أي يطارده . وقد جاء في حديث آخر : كإمرار الحديد على الطّسْتِ الجديد [1] .
وعبّر عبد اللّه بن مسعود عن إمساك الإنسان في الحياة وتبذيره في الممات في الوصيّة بقوله : هما المُرَّيان . أي هما الخلصتان المرّتان ، والواحدة منهما المُرَّى ، وهذا كقولك في الكلام : الجارية الصُغرى والكُبرى ، وللثنتين : الصغريان والكبريان ، فكذلك المُرّيان . وإنّما نسبهما إلى المرارة لما فيهما من المأثم [2] .
وفي حديث عليّ ( عليه السلام ) عن حال الماضين : « وجَرَّعُوهُم المُرَارَ » [3] . المُرار : شجر مُرّ . وقيل : المُراد حَمْضٌ . وقيل : المُرار شجر إذا أكلته الإبل قلصت عنه مشافرها ، واحدتها مُرارة ، هو المُرار ، بضم الميم . والمرُّ : دواءٌ ، والجمع أمرار [4] . ومنه وصف عليّ ( عليه السلام ) الدنيا بقوله : « أمرّ فيها مَا كان حُلْواً » [5] .