وإنّما صار ( عليه السلام ) قسيم الجنّة والنار لأنّ قسمة الجنّة والنار إنمّا هي على الإيمان والكفر . وقال : لقد سمعت بعض المشايخ يذكر أنّ هذا الكنز هو ولده المحسن ( عليه السلام ) ، وهو السقط الذي ألقته فاطمة ( عليها السلام ) لما ضغطت بين البابين . وأمّا قوله : « وأنت ذو قرنيها » فإنّ قرني الجنّة الحسن والحسين لما رُوي أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : « إنّ الله عزّ وجلّ يزيّن بهما جنّته كما تزيّن المرأةُ بقرطيها » . وفي خبر آخر : « يزين الله بهما عرشه » . وفي وجه آخر معنى قوله ( صلى الله عليه وآله ) « ذو قرنيها » أي إنّك صاحب قرني الدنيا وإنّك الحجّة على شرق الدنيا وغربها وصاحب الأمر فيها والنهي فيها . وفي وجه آخر معناه أنّه ( عليه السلام ) ذو قرني هذه الأمّة كما كان ذو القرنين لأهل وقته [1] . ونقل الشريف الرضي عن ثعلب أنّه قال : ويجوز أن يكون قوله : « ذو قرنيها » يريد به طرفي الأمّة ، أي أنت في أوّلها ، والمهدي من ولدك في آخرها . قال : ويجوز أن يكون ذلك من قوله : عصرتُ الفرس قرناً أو قرنين : أي استخرجت عَرَقه بالجري مرة أو مرتين ، فكأنّه ( عليه السلام ) ذو اقتباس العلم الظاهر واستخراج العلم الباطن [2] . وقال ابن الأثير : أي طرفي الجنّة وجانبيها [3] . وظاهر قوله ( صلى الله عليه وآله ) مأخوذ من قوله تعالى في ذي القرنين : ( إنّا مكّنا له في الأرض وآتيناه من كلّ شيء سبباً ) [1] . والذي بلغ ملكه مبلغاً عظيماً ، قيل : بلغ ذو القرنين أقصى المشرق والمغرب [2] . وقد بلغ من ملكه أنْ خيّر السحابين الذلول والصعب ، فاختار الذلول ، ولو اختار الصعب لم يكن له ذلك ، لأنّ الله تعالى ادخره للقائم ( عليه السلام ) [3] وهو المعنى بالحديث . وفي حديث عليّ ( عليه السلام ) : « عارفاً بِقَرائِنها وأحْنَائِها » [4] . القرائن : النفوس ، واحدها قَرون وقَرونة وقرينة وقرين . ومنه قول الشاعر :
فإنّي مثلُ ما بكَ كان ما بي * ولكن أسمَحَت عنهم قَروني [5] .
وإلى النفس عني عليّ ( عليه السلام ) محذّراً من الشيطان بقوله : « حتّى إذا اسْتَدْرَجَ قَرِينَتَه ، واسْتَغْلَقَ رَهينَتَه » [6] . وفي الحديث : أنّ