والغنم مَهْراً ، لأنّها كانت الغالب على أموالهم ، ثمّ وضع السَّوْق موضع المَهْر ، وإنْ لم يكن إبلاً وغنماً [1] . وفي حديث عليّ ( عليه السلام ) في الاتعاظ بالماضين : « أُولئِكُم سَلَفُ غَايتكم ، وفُرّاط مَناهِلكَم ، الذين كانت لهم مَقَاوِمُ العِزّ ، وحَلَباتُ الفَخْر ، مُلوكاً وسُوَقاً » [2] . السُّوَقة من الناس : الرعية ومن دون الملِك ، وقيل : أوساطهم ، سُمّوا سُوقة لأنّ الملوك يسوقونهم فينساقون لهم ، الذكر والأُنثى في ذلك سواء ، والجمع السُّوَق . قالت بنت النعمان بن المنذر :
فبينا نَسُوسُ الناسَ والأمر أمرنا * إذا نحن فيهم سُوقةٌ نتنصّف أي نخدم الناس [3] . قال ابن الأثير : وكثيرٌ من الناس يظنّون أنّ السوقة أهل الأسواق [4] . ومن جميل الاستعارة وصف عليّ ( عليه السلام ) للفتنة بقوله : « مرعادٌ مبراق ، كاشفةٌ عن ساق » [5] . وأصل هذا أنّ الرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج إلى معاناته والجدِّ فيه شمَّر عن ساقه ، فاستُعيرت الساق في موضع الشدّة [6] . ومنه جاء قوله تعالى : ( يوم يكشف عن ساق ) [7] . أي أمر شديد فظيع [8] . ومن هذا وصف عليّ ( عليه السلام ) الناس في الدنيا بقوله : « أهلُها على سَاق وسِياق » [9] . والساق : النفس ، ومنه قول عليّ ( عليه السلام ) في حرب الشراة : « لا بدّ لي من قتالهم ، ولو تلفت ساقي » [1] . وقد وصف ( عليه السلام ) الأجل بقوله : « مَسَاقُ النفس » [2] . وأراد مدة بقائها في البدن مساقها إلى غايتها لا محلّ قرارها .
[ سوم ] في دعاء عليّ ( عليه السلام ) للاستسقاء : « نَدْعُوكَ حَين قنط الأنامُ ، ومُنِع الغَمامُ ، وهَلك السَّوَامُ » [3] .
السوام : المال الراعي ، ويقال لها : السائمة وسامت الراعية والماشية والغنم تَسُومُ سَوْماً : رعت حيث شاءت . وقال الأصمعي : السَّوامُ والسائمة كلُّ إبل تُرسَلُ ترعى ولا تُعْلَفُ في الأصل ، وجمع السائم والسائمة سوائم [4] .
ومن هذا جاء قوله ( عليه السلام ) : « أئْمَتلىءُ السائمةُ