ومراده ( عليه السلام ) ظُلَم الشكوك . والسَّدَف من الأضداد ، قال أبو عبيدة : السَّدَفُ : الظُلْمَةُ والضّوءُ ، وأنشد في الضوء : قد أسدف الصبحُ وصاح الحِنزاب ، والحنزاب : يعني الديك .
وأهل مكّة يقولون : أسدف ، أي أضئْ ، يريدون تباعد من البيت حتّى يُضِيء البيتُ . وقالوا : السُّدفة : الباب [1] . ومنه خبر علقمة الثَّقفي : « كان بلال يأتينا بالسَّحور ونحن مسدفون ، فيكشِف لنا القُبَّة فيُسدِف لنا طعاماً » . فمعنى مسدِفون داخلون في السُّدْفة ، ويُسْدِفُ لنا أي يُضِيء . ويقال : أسدِف الباب : أي افتحه حتى يُضِيء البيت [2] .
والسديف : شحم السّنام [3] . وفي حديث أُمّ سلمة إلى عائشة : « إنْ بعين الله مَهْواك وعلى رسول الله تردين ، قد وجّهتِ سِدافته ، وتركتِ عُهَّيْداه » [4] .
السدافة : الحجابُ والسِّتْر ، من السُّدفة : الظلمة . يعني أخذت وجهها وأزالتها عن مكانها الذي أُمِرت به [5] . العُهّيْدَى ، بالتشديد والقصر : فُعَّيْلى ، من العهد ، كالجُهّيدى من الجهد ، والعُجَّيلى من العَجلة [6] . ومهواك : مرادك ، و « بعين الله » أي لا يخفى عليه [7] .
ومنه جاء وصف عليّ ( عليه السلام ) للمعقول التي تروم حقيقته تعالى : « تَجوبُ مَهَاوِيَ سُدَفِ الغُيوب » [1] . واستعار لفظ السُّدَف لظلمات الجهل بكلِّ معنى غيبيّ من صفات جلاله وطبقات حجبه [2] .
[ سدل ] في حديث عليّ ( عليه السلام ) : « فَسَدلتُ دُونَها ثَوباً ، وطَويتُ عنها كَشْحاً » [3] .
السّدل : إرخاؤك الثّوب من المنكبين إلى الأرض . يقال : سدل الرّجلُ ثوبه سُدولاً وسَدْلاً [4] . ومعنى قوله ( عليه السلام ) : « سدلت » ، ألقيت بيني وبينها ، أي الخلافة ، حجاباً ، أي تنزّهت عن طلبها وعزفت نفسي عنها [5] . والسدول يدلّ على نزول الشيء من علو إلى سُفْل