رُوَيْداً ) [1] . أي إمهالاً يسيراً ، وكرّر وخالف بين اللفظين لزيادة التسكين منه [2] .
وفيه قوله ( عليه السلام ) : « إنَّ لبني أُميّة مِرْوَداً يجرون فيه » [3] .
قال الرضي : المِرْوَد هنا مفعل من الإرواد ، وهو الإمهال والإظهار ، وهذا من أفصح الكلام وأغربه ، فكأنّه ( عليه السلام ) شبه المهلة التي هم فيها بالمضمار الذي يجرون فيه إلى الغاية ، فإذا بلغوا منقطعها انتقض نظامهم بعدها . وجاء في كتاب له ( عليه السلام ) : « وصحِّ رُوَيْداً فكأنّك قد بلغت المدى ، ودُفِنت تحت الثرى » [4] . وفي حديث له ( عليه السلام ) : « فلو أنَّ الباطِل خَلَص من مِزاج الحقّ لم يَخْفَ على المُرْتادين » [5] .
المرتاد : الطالب [6] . والمراد به طالب الحقيقة والمعرفة . يقال : بعثنا رائداً يرود لنا الكلأ والمنزل ويرتاد ، أي ينظر ويطلب ويختار أفضله [7] . ومنه حديثه ( صلى الله عليه وآله ) : « من فقه الرجل أنْ يرتاد موضعاً لبوله » [8] . أي يطلب مكاناً ليّناً لئلاّ يرجع عليه رشاش بوله . يقال : راد وارتاد واستراد [9] . وباعتبار طلب الإنسان وإرادته قال عليّ ( عليه السلام ) : « خُلُّوا لمضمار الجياد ، ورويّة الارتياد ، وأناة المُقْتَبِس المُرتاد ، في مدّة الأجل ، ومضطرب المهل » [10] . والمريد من صفاته تعالى صفات الفعل لا الذات ، كما روى عاصم بن حميد ، عن أبي عبيد الله ( عليه السلام ) قال : قلتُ : لم يزل الله مريداً ؟ قال : إنّ المريد لا يكون إلاّ لمراد معه ، فلم يزل الله عالماً قادراً ثمّ أراد . وروى صفوان قال : قلتُ لأبي الحسن ( عليه السلام ) : « أخبرني عن الإرادة من الله ومن الخلق ؟ قال : فقال : الإرادة من الخلق الضمير وما يبدو لهم بعد ذلك من الفعل ، وأمّا من الله تعالى فإرادته إحداثه لا غير ذلك لأنّه لا يروّي ولا يهمُّ ولا يتفكّر ، وهذه الصفات منفيّة عنه ، وهي صفات الخلق ، فإرادة الله الفعل ، لا غير ذلك يقول له : كن فيكون بلا لفظ ولا نطق بلسان ولا همّة ولا تفكّر ولا كيف لذلك ، كما أنّه لا كيف له » [1] .