ومنه قوله ( عليه السلام ) : « وكم عسى أن يكون بقاءُ مَنْ لَه يومٌ لا يَعْدوه ، وطالبٌ حثيث في الدنيا يَحْدوه حتّى يُفارقها » [1] . والذي يحدوه هو الموت الذي يسيّره حتّى يفارق هذه الدنيا .
وفي دعاء السجاد ( عليه السلام ) : « اللهم إنّه يَحْجبني عن مَسْألتك خِلال ثلاث ، وتَحْدُوني عليها خَلَّةٌ واحدةٌ . . . إلى أن قال : ويَحْدُوني على مَسْألتك تفضّلك على من أقبل بِوجْهِه إليك ، ووفَدَ بحُسن ظَنّه إليك » . حدوته على كذا ، بعثته على كذا [2] .
أي يدفعني على المسألة ما ذكر ( عليه السلام ) . ومن هذا جاء كتاب عليّ ( عليه السلام ) للأشتر : « فإنّ تَعاهُدَكَ في السرِّ لأُمورِهِم حَدْوةٌ لهم على اسْتِعمَال الأمَانَةِ » [3] . وفي الحديث : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : « زاد المسافر الحداء والشعر ما كان منه ليس فيه خَنَا » [4] .
الحُداء : يقال : حدا الإبلَ حَدْواً ، وهو حادي الإبل وهم حُداتها ، وحَدَا بها حُدَاءً ، إذا غنّى لها [5] . والخنا : الفحش ، وقد خنى عليه خَنىً . وأخنى عليه في كلامه : أفحش عليه [6] .
والمراد أنّ التعلل بأغاريد الحُداء ، وأناشيد القريض ، يقوم للمسافرين مقام الزاد المبلّغ في إمساك الأرماق والاستعانة على قطع المسافات [1] .
ومن سَوْق الإبل وسيرها جاءت الاستعارة في حديث عليّ ( عليه السلام ) في أمر عثمان : « وكان طَلْحَةُ والزُّبَيْرُ أَهْوَنُ سَيْرِهِما فيه الوَجيفُ ، وأرْفَقُ حِدَائِهما العَنِيفُ » [2] .
[ حذا ] في حديث فاطمة ( عليها السلام ) : « ابْتَدَعَ الأشْياءَ لا مِنْ شيء كان قَبْلها ، وأنْشَأها بلا احتذاء أمْثَلة امتَثَلها » [3] .
الاحتذاء : يقال : فلان يَحْتذي على مثال فلان ، إذا اقتدى به في أمره [4] . وحَذَوْت له نعلاً ، إذا قطعتها على مثال ، وحاذيته : صِرْتُ