نام کتاب : موارد الظمآن نویسنده : الهيثمي جلد : 1 صفحه : 42
هذا هو الترتيب الذي ابتدعته عقلية جبارة ، عميقة الغور ، دقيقة التنظيم ، قد اجتمع لصاحبها من الصفات ، ما لا يجتمع إلا في القليل النادر من الناس ، فهو الذكي الألمعي ، و هو الباحث المنقب ، و هو العالم المطلع ، و هو الناقد العبقري . اطلع على كل ما تركه السابقون - و قد أنضجه الزمان ، و صقلته التجربة ، و محصته الاختبارات ، فنفذ ببصيرته إلى لبه ، و تغلغل في أعماقه ، و تعرف أسراره ، مراعيا القانون الجامع ، ليربط به الجزئيات ، و يجمع حوله الأشتات التي تربطها به رابطة من معنى ، فيوصف ذلك في تقسيم واحد متفرع إلى أنواع . هذا هو الترتيب الذي وصفه السيوطي في ( التدريب ) بقوله : ( صحيح ابن حبان ترتيبه مخترع ، ليس على الأبواب ، و ليس على المسانيد ، و لهذا سماه ( التقاسيم و الأنواع ) . . . ) [1] . فكيف استقبل هذا الترتيب ، و ماذا قال العلماء فيه ؟ أول عبارة نطالعها في الحكم على أسلوب ابن حبان و ترتيبه لصحيحه - فيما اطلعنا عليه - عبارة قالها الإمام الذهبي في ( سير أعلام النبلاء ) [2] : ( و قد اعترف - يعني ابن حبان - أن صحيحه لا يقدر على الكشف منه إلا من حفظه ، كمن عنده مصحف لا يقدر على موضع آية يريدها منه إلا من حفظه ) . و هي عبارة مبتورة ، تناولها الذهبي بحذر ليجعلها دليلا على صحة حكمه . و لعظيم مكانة الحافظ الذهبي في النفوس - و هو بها جدير - و هو