على أن الصوفية قد فرقوا أيضا بين الشكر والرضا وتناقشوا في الرضا ، هل هو من الأحوال أو من المقامات ؟ " فأهل خراسان قالوا : الرضا من جملة المقامات ، وهو نهاية التوكل ، ومعناه يؤول إلى أنه مما يتوصل إليه العبد باكتسابه . وأما العراقيون فإنهم قالوا : الرضا من جملة الأحوال ، وليس ذلك كسبا للعبد ، بل هو نازلة تحل بالقلب كسائر الأحوال " . ويوفق القشيري بين القولين فيري أنه : " يمكن الجمع بين اللسانين فيقال : بداية الرضا مكتسبة للعبد وهي من المقامات ونهايته من جملة الأحوال وليست بمكتسبة " . وقد فرقوا بين نوعين من الرضا فرفضوا أحدهما ونوهوا بالثاني ، ذلك أن الواجب على العبد أن يرضى بالقضاء الذي أمر بالرضا به إذا ليس كل ما هو بقضائه يجوز للعبد ، أو يجب عليه الرضا به كالمعاصي وفنون محن المسلمين . هذا وقد قصر الغزالي في سفره الواسع ( إحياء علوم الدين ) كتابا على الصبر والشكر ، خصص الشطر الثاني من هذا الكتاب لبحث الشكر . وجمعه للشكر والصبر في باب يدل على ما بينهما من علاقة ، وقد سبق في كلامنا على معنى الشكور ما يتضمن ذلك . والقارئ لما يكتبه مؤلف الاحياء لابد له من أن يعجب ببيانه السهل وتحليله الدقيق ، ويدرك في الوقت نفسه مدى إفادته من رسائل من سبقه كأبي طالب المكي والمحاسبي والقشيري وغيرهم . ولاغرو في ذلك فإن العلم يزداد وينمو ويزكو بالمراجعة والمحاورة . وإضافة المتأخر على ما سبق إليه المتقدم . ويجد الباحث غني في هذا المجال في كتب المفسرين والمحدثين وكلام علماء الصوفية والفقهاء ، اقتصرنا على تلخيص ما سنح منها لنا . هذا وثمة بحوث نحوية في الكلام على حمد الله يجدها القارئ الكريم في كتب