يزكو عنده القليل من أعمال العباد فيضاعف لهم الجزاء ، وشكره لعباده مغفرته لهم . وقال شيخنا : الشكور في أسمائه هو معطي الثواب الجزيل بالعمل القليل لاستحالة حقيقته فيه تعالى . أو الشكر في حقه تعالى بمعنى الرضا . والإثابة لازمة للرضا . فهو مجاز في الرضا ثم تجوز به إلى الإثابة . وقولهم : شكر الله سعيه ، بمعنى أثابه " . ومهما يرد من تفسير شكر الحق للانسان فإنه يكفي الانسان شرفا وعلوا أن الحق يشكر له سعيه الصالح الحسن * ( ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها فأولئك كان سعيهم مشكورا ) * . والشكر زيادة على الجزاء * ( إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا ) * وليس فوق هذا حث على السعي الصالح والعمل الفاضل في المجتمع الانساني . إن الحضارة العربية الاسلامية حضارة اجتماعية تقصد إلى رفعة الانسان وتعظيم شأنه ، وغالبية العبادات إن لم نقل كلها تتعلق بتحسين المجتمع وتجويد العلاقات الانسانية والتعاون والتضامن بين بني الانسان . وقد ورد في الجزء الذي ينشره السيد محمد مطيع الحافظ رواية الأثر : " لم يشكر الله من لم يشكر الناس " . ومعناه عندنا أن الخير إنما يأتي بتعاون الناس ، فإذا تعاونوا شكر بعضهم لبعض سعيهم في الخير ، وكان ذلك شكرا لله على هذا التعاون . وقد ورد الحديث في كشاف اصطلاحات الفنون نقلا عن أسرار الفاتحة : " من لم يحمد الناس لم يحمد الله " .