وكان مرجئا ولم ترو عن شبابة بن سوار وكان قدريا ؟ فقال : لأن أبا معاوية لم يكن يدعو إلى الارجاء وشبابة كان يدعو إلى القدر ، وهذا من الإمام أحمد رحمه الله عذر غير مقبول فإنه أكثر من الاحتجاج بأحاديث الدعاة الغلاة كمن سمينا وغيرهم ، وهكذا حال الباقين ممن نقل عنه كلام في منع الرواية عن المبتدعة كشريك فإنا وجدناه يروي عن كثير منهم كالصلت بن بهرام [1] وغيره ، على أنه هو متهم أيضا بالقدر فهذا صنيع المتقدمين ، وأما المتأخرون فقد أجمعوا على صحة أحاديث الصحيحين وتلقيها بالقبول مع إخراج صاحبيها للمبتدعة والاكثار من الرواية عنهم ، وقد ذكر الذهبي في ترجمة أبي أحمد الحاكم من " الطبقات " [2] أنه قال : سمعت أبا الحسن الغازي يقول : سألت البخاري عن أبي غسان فقال : عما تسأل عنه ؟ قلت : شأنه في التشيع ، فقال : هو على مذهب أئمة أهل بلده الكوفيين ، ولو رأيتم عبيد الله بن موسى وأبا نعيم وجميع مشايخنا الكوفيين لما سألتمونا عن أبي غسان يعني لشدتهم في التشيع ، وقد جمع الحافظ أسماء من روى لهم البخاري منهم فسمى نحو السبعين وما أراه استوعب .
وأما صحيح مسلم ففيه أكثر من ذلك بكثير حتى قال الحاكم : إن كتابه ملآن من الشيعة ، فهذا كما ترى إجماع على قبول رواية المبتدعة كما قال الحافظ في مقدمة الفتح : إن جمهور الأئمة أطبقوا على تسمية الكتابين بالصحيحين وهذا معنى لم يحصل لغير من خرج عنه في الصحيحين فهو بمثابة إطباق الجمهور على تعديل من ذكر فيهما ا ه [3] .