فإن قيل من خلق الكفر كان كافرا ومن خلق الظلم كان ظالما قيل له ما ينكر على من يقول من خلق النوم كان نائما ومن خلق الخوف كان خائفا ومن خلق المرض كان مريضا ومن خلق الموت كان ميتا فإذا لم يلزم ذلك في هذه الأشياء لم يلزم في الكفر والظلم فإن قيل أفتقولون إن الله تعالى يشاء الكفر والظلم قيل له إن أردت بقولك يشاء الكفر نفي الغلبة والعجز والإكراه على ما يشاء فنعم يشاء أن يكون ما يريد وجواب آخر وهو أن يشاء ان يكون موجودا لما لم يزل عالما بأنه يكون موجودا فلا يكون خلاف ما علم والكفر مما لم يزل كان عالما به أنه يكون موجودا ألا تراه يقول « يريد الله ألا يجعل لهم حظا في الآخرة » وفيه جواب آخر وهو أنه شاء أن يكون الكفر من الكافر خلاف الإيمان من المؤمن ألا ترى أن موسى وهارون سألا إضلال فرعون وقومه والسد على قلوبهم فلا يؤمنوا فقال الله تعالى « قد أجيبت دعوتكما فاستقيما » فشاء إضلالهم والسد على قلوبهم فلا يؤمنوا لما أجاب دعوتهما وفيه جواب آخر يشاء أن يكون الكفر قبيحا ضلالا عمى خسارا لا نورا وهدى وحقا وبيانا وإن أردت تقول يشاء الكفر أي يأمر به فلا تقول ذلك فإن قيل الحكيم من يريد أن يشتم ويذكر بسوء قيل الحكيم من يجري الشتم على لسان النائم والمبرسم ولا فعل لهما الحكيم من يخلق عبدا يعلم انه لا يزال يشتمه ويجحده ثم يحدث له كل ساعة قوة جديدة وقيل من كان الشتم ينقصه فليس بحكيم ومن لم ينقصه فحكيم لأنه يشاء ما لم يكن ولأن من يريد أن يكون شتم الشاتم له خلاف مدح المادح له فحكيم ومن أراد أن يكون شتم الشاتم له معصية من الكافر لا طاعة فحكيم