قيل نعم أحدهما بخلقه ويخترعه ويخرجه عن العدم وهو الله سبحانه وتعالى والثاني يكتسبه ولا يخلقه وهو العبد والخلق ما تعلقت به قدرة أزلية حادثة والكسب ما تعلقت به قدرة حادثة فالقدرة الأزلية تؤثر في الاختراع والقدرة الحادثة تؤثر في الاكتساب فإن قالوا فإذا كان الله تعالى خلق أعماله كلها أعمالا له فكيف يثيبه ويعاقبه وقيل ليس الثواب من الله عز وجل إلا بتفضل عليه وأما العقاب فهو لو ابتلاه في العذاب كان له أن يفعله لأنه ملكه وفي قبضته وليس الكفر علة العقاب ولا الإيمان علة الثواب إنما هما اماراتان جعلتا علمين لهما فقيل إن كنت كافرا عذبت في الآخرة وإن كنت مؤمنا عوفيت وأثبت وجميع ذلك من الثواب والعقاب والكفر والإيمان خلقه واختراعه لا لعلة يفعل ما يشاء فإن قيل فإذا عاقبه ما خلقه له كان ظالما له قيل لم قلت ذلك وما ينكر أن حقيقة الظلم هو تعدي الحد والرسم الذي يرسمه الآمر الذي لا آمر فوقه وان لا يكون للظلم منه معنى إذ أفعاله كلها تقع على غير وجه التعدي والتحكم فيما لا يملك فلا يستحق اسم الظالم ولو ساغ ما قلته لم ينفصل ممن قال إذا أمكنه من الكفر وعلم انه لا يأتي إلا بالكفر لم يصح أن يعقابه لأنه يكون ظالما له حينئذ وما الفصل وكذلك إذا خلق له الآلات والحياة والقدرة والشهوة للمعاصي وعلم أنه لا يفعل بها إلا كفرا به عرضه للهلاك والعطب فيكون له ظالما ووجب أن يكون في إيلام الأطفال والمجانين والبهائم ظالما ولا معنى لتقدير العوض فيه فإن العوض لا يحسن به القبيح في الشاهد إلا بمرضاه فإذا كان جميع ذلك منه غير منسوب إلى الظلم لأنه المالك على الحقيقة وهو فيما يفعله في ملكه غير متعد ذلك ما قلنا لا فصل بينهما